تعتبر ظاهرة الفساد بصورة عامة ظاهرة عالمية واسعة الانتشار، توجد فى
كافة المجتمعات النامية منها والمتقدمة بدرجات متفاوتة، ذلك أن الفساد قد أضحى
ظاهرة لا يكاد يخلو منها مجتمع. وظاهرة الفساد بالإضافة إلى كونها ظاهرة
عابرة للحدود، فهى ظاهرة ذات جذور عميقة وتأخذ أبعاداً واسعة تتداخل معها
وترتبط بها عدة مفاهيم وعوامل يصعب التمييز بينها، وتختلف كذلك درجة
توافرها وشموليتها من مجتمع إلى آخر.
وعلى الرغم من اختلاف الفساد من مكان إلى آخر بصوره وأشكاله وحجم
انتشاره وأثره على مختلف نواحي الحياة، يعتبر من أهم أسباب الضعف الداخلي
والخارجي للدول. فالفساد في جوهره حالة تفكك تعتري المجتمع نتيجة فقدانه
لسيادة القيم الجوهرية، ولعدم احترام القانون، وعدم تكريس مفهوم المواطنة،
وغياب ثقافة حقوق الإنسان واحترامها بشكل طبيعي وتلقائي.
ومن هنا تبرز الحاجة إلى جعل مشكلة الفساد وتفشيه في المجتمع أولوية
رئيسة من أولويات الدولة، فآثاره المدمرة على النواحي السياسية والاجتماعية
والاقتصادية تهدد قوتها ومكانتها على الصعيدين الداخلي والدولي.
لذا وجب عليها العمل على تعزيز قيمتي الشفافية والمساءلة في تشريعاتها
وإستراتيجية عمل مؤسساتها قصد نشر ثقافة مكافحة الفساد ومحاصرته وترسيخ
قيم النزاهة ما بين مختلف شرائح المجتمع.