ان اي مجتمع لابد له من سلطة تنظم امره وتدبر شؤونه لان المجتمع الانساني ضروري ويعبر الحكماء عن هذا بقولهم (( الانسان مدني بالطبع اي لابد له من الاجتماع ))(
[i]) ، وان مبدأ سيادة القانون يتطلب وجود دولة قانونية تقوم على اركان حقيقية تستمد قوتها من الشعب باعتباره مصدر السلطات ،ولها قوة ملزمة تستمدها من القواعد الدستورية التي ارست عليها بنائها القانوني.
واليوم ونحن في العقد الثاني من الالفية الثالثة نرى مدى تطور الانظمة الديمقراطية التي قطعت اشواطاً كبيرة في بناء دولة المؤسسات والقانون ،اي الدولة القانونية التي تقوم على مبدأ المساواة بين مواطنيها ، وعلى التداول السلمي لنقل السلطة بين حكامها .
ان دولة القانون تعني سريان حكم القانون على الحاكم والمحكوم على حد سواء ، لذلك فأن من اهم ضمانات مبدأ سيادة القانون هو وجود رقابة حقيقية وفعالة لتطبيق القانون وحمايته من اي تجاوز عليه من السلطات ،او افراد الشعب ،ومن هذه الضمانات الرقابة السياسية التي تكون اوسع قاعدة رقابية لما فيها من حلقات رقابية متعددة ومتنوعة تعمل على حماية القانون وضمان احترامه ، وللإدارة دور في حماية مبدأ سيادة القانون من خلال الرقابة الادارية التي تسمح للإدارة بمراجعة اعمالها وامكانيتها في سحب اعمالها المخالفة لمبدأ المشروعية، وان كانت هي الحكم والخصم في هذه الحماية الا ان عملها المتنوع ذاتي متعدد الدرجات .
ولم يقف الامر عندها بل وجود الرقابة القضائية يعد صمام امان حقيقي بين الادارة ومواطنيها والتي تعمل على حماية حقوق وحريات الافراد من اي تجاوز، وهي اكثر انواع الرقابة فاعلية لأنها تعمل على الموازنة بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، وان ابهى صور الدولة القانونية تتجلى في صيانة مبدأ المشروعية الذي يعني( ان يخضع الحكام جميعاً للقانون ،بحيث لا تكون اعمالهم ولا قراراتهم صحيحة قانوناً ولا ملزمة للأفراد ،الا بقدر التزامها بحدود الاطار القانوني الذي تعيش في ظله )([ii])،متى ما التزم الجميع بحدود القانون نكون امام الدولة القانونية.
[i] مقدمة ابن خلدون : ص41.
[ii] د. احمد كمال ابو المجد : رقابة القضاء على اعمال الادارة ، دار النهضة العربية ، القاهرة ،1964،ص7.