خضعت المحاسبة الإدارية إلى هيمنة المحاسبة المالية عليها اثر ظهور القوائم المالية المدققة في بدايات القرن الماضي الناتجة من ظهور المنظمات المنظمة للمهنة وما رافق من إلزام الشركات بإعداد التقارير المالية من الحسابات المالية وفقاً للمبادئ المحاسبية المقبولة قبولاً عاماً والتي أثرت في قيمة المعلومات المقدمة من قبل المحاسبة الإدارية مما أدى إلى إن تصبح تلك المعلومات غير ملائمة للاستخدام الإداري وهو ما اصطلح عليه حديثاً بفقدان الملائمةRelevance Lost . وسادت ذهنية المحاسبة المالية في المنشات حيث يكون الشغل الشاغل للمحاسبيين في المنشات هو إعداد القوائم المالية المدققة من دون أن يكون هدف المعلومات المحاسبية المساعدة في اتخاذ القرارات الإدارية.
ومن جهة أخرى فان القفزة الهائلة في التطور التكنولوجي والاقتصادي التي شهدها العالم منذ العقدين الأخيرين من القرن الماضي وبدايات القرن الواحد والعشرين وما رافقها من تطور هائل في العلوم الصرفة والعلوم التطبيقية ومنها على سبيل المثال علم المحاسبة إذ شهدت تلك الفترة بروز سمات جديدة لها واندثار مهام ووظائف كانت لوقت قريب تعد من المسلمات والبديهيات.
ففي مجال معالجة البيانات فان التطور الكبير والخطى المتسارعة فيها اثر ظهور تقنية المعلومات أدى إلى تغيير واسع في طبيعة عمل المحاسبة عموماً والطبيعة الإجرائية لها خصوصاً، حيث أصبح بإمكان برمجيات جاهزة في المحاسبة أن تقوم بتسجيل وتبويب وتلخيص المعلومات من دون حاجة إلى التدخل البشري، أما وظيفة الرقابة والتي هي من أبرز وظائف المحاسبة أصبح بالإمكان من خلال نظم التصنيع المتقدمة أن تمارس الماكنة الرقابة الذاتية من خلال مفهوم الذكاء الاصطناعي مما افقد المحاسبة المالية ومحاسبة الكلفة وظائفهما التقليدية .
هذه التغيرات بالإضافة إلى التغيرات الأخرى في بيئة الأعمال ألقت بظلها على المحاسبة الإدارية بالذات مما أدى إلى ظهور تقنيات جديدة تساعد في تقديم معلومات أفضل للمديرين لكي يتمكنوا من إدارة منشئآتهم. ورغم أنها نشأت كاستجابة وتكيف مع ظروف محددة، إلا إنها استطاعت إن تحرز تطور نوعي في طبيعة المعلومات المقدمة للإدارة.