أفرزت الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي عانى منها الاقتصاد العراقي العديد من الاثار السلبية وتكريس بيئة من شانها التشجيع على اقامة مشاريع صناعية وخدمية لا تتناسب وتغيرات السوق وتعتمد على آلات ومعدات بسيطة وتشتمل أعمال حرفية يدوية الصنع وبائعي التجزئة ومختلف انواع الورش والمصانع والمعامل غير المرخص لها وغير المجازة قانونا، حيث أنتشار المشروعات بشكل عشوائي غير منتظم بعيدا عن رقابة وسيطرة الدولة. وسعيا الى تحقيق موازنة نسبية تسمح لها الاستمرار في البقاء ولعدم قدرتها على المنافسة مع نظيرتها من المصانع تلك التي تتمتع بمزايا تنافسية فأنها تكون مضطرة اغلب الأحيان إلى زيادة مستوى الغش الصناعي والتجاري في منتجاتها وخفض مستوى الجودة. باعادة تدوير الإنتاج لبعض المواد الأولية مثل البلاستيك والألمنيوم وأستخدام قطع الغيار المستعملة ليصبح ذلك جزء من ثقافة السوق والقائمين على القطاع الصناعي (أفراد وشركات) .
ان مجمل هذه الاسباب تعزى اساسا الى عدم تبني ستراتيجية صناعية لدعم قطاع الاعمال الخاص وخصوصا المصانع الصغيرة، وغياب التنظيمات المسؤولة عن توجيه المستثمرين الصغار في ظل تزايد اعداد العاطلين وماينجم عن ذلك من تزايد مستويات الفقر، بحيث دفع ذلك الى العمل في اقتصاد الظل ليجتذب مختلف الانشطة الصناعية وخصوصا الخدمية منها والاعمال النمطية بسيطة التكنولوجيا من مثل ورش الميكانيك والكهرباء والخدمات الصناعية الاخرى وأنشطة الخدمات المنزلية والتصليح والصيانة وهذه الانواع من الانشطة تتصف بعدم وجود ترخيص رسمي بمزاولة المهنة ولا تخضع لقوانين العمل، وتفتقر لمعايير الصحة والسلامة المهنية ولا يوجد كيان مستقل أو تنظيم نقابي او اتحادي لها. حيث سهولة مزاولة النشاط سواء كان إنتاجيا أو مهنيا. بناء على ذلك ان تحليل الجوانب المحيطة بالصناعات الصغيرة تلك التي عملت واثبتت نجاحات طيلة فترة الحصار الاقتصادي في تلبية الطلب المحلي قبل تعرضها لحالة الانهيار والتوقف وتحقق خسائر يتطلب تذليل العوائق الادارية والتمويلية والتسويقية والفنية خصوصا وان انشاء المشاريع الصغيرة تعد مدخلا اساسيا لحل مشكلة البطالة والفقر في العراق .