تسعى المحاسبة الى مسايرة القفزات الهائلة والمتسارعة في تطور العلوم الصرفة والتطبيقية والتقدم التكنولوجي، والتي ادت على ظهور مفاهيم جديدة الغت مسلمات وبديهيات كانت سائدة لمدة طويلة، فعلى سبيل المثال: كان مخزون المواد الاولية والبضاعة التامة في المؤسسات الصناعية او التجارية يشكل العمود الفقري لها بتكاليفه ومشاكله، حتى اذا ما جاء نظام (JIT) الغى بتطبيقاته هذه المفاهيم واعتمد مفهوماً جديداً هو (الانتاج من اليد الى الفم)، وان مفاهيم الكلفة والتسعير تخلخلت وتقادمت بظهور فلسفة سوق المنافسة الحرة والعولمة، واصبح الزبون هو القاسم المشترك والاساس لنجاح كل المؤسسات او فشلها فإذا لم يرض الزبون بمنتج ما بسبب تغير اذواقه او ميله الاستهلاكي فلا فائدة من انتاج البضاعة حتى لو كانت بأساليب مثالية. وقد كان للتطورات التكنولوجية اثر كبير في السلع والمنتجات فظهور منتجات جديدة في السوق يؤدي الى تزايد الطلب على سلعة معينة، وتخفيض الطلب على سلعة اخرى. ولذلك فقد ظهرت مسألة خطيرة في هذا المجال وهي الاندثار بالتقادم او ما يسمى بالاندثار التقني. فالقفزة النوعية تتمثل في ان هذا الاندثار يؤدي الى صرف مبالغ هائلة في موضوع البحث والتطوير لغرض تصميم منتجات جديدة تساير اذواق المستهلكين، اذ اصبحت السلع تتقادم شهرياً او خلال مدد قصيرة.
ان الاساليب الادارية الحديثة دائماً تسعى للحاق بعجلة التقدم العلمي، فأوجدت نظريات ومفاهيم تتلاءم مع هذا التطور وكان لزاماًَ على المحاسبة- وخاصة محاسبة التكاليف والمحاسبة الادارية- تأطير هذه النظريات بما يخدم اهدافها.
ومن هنا جاءت مفاهيم هندسة القيمة وإعادة هندسة العمليات بوصفها احد ابرز الاساليب الادارية والتقنية الحديثة الملائمة لمواكبة التقدم العلمي والتغيرات في بيئة الاعمال لتحقيق الهدف الرئيس الذي تسعى اليه المؤسسات اليوم وهو تلبية متطلبات ورغبات الزبون من خلال تحقيق هدفي: تخفيض كلفة المنتج وتحسين قيمته لنيل رضاه، وهو المقياس الأساس لنجاح المؤسسات، ولذلك فإن هذا البحث يسعى الى بيان اهمية ودور الاسلوبين موضوعي البحث في تحقيق عوامل النجاح الأساسية للمنافسة حيث تعد هندسة القيمة اسلوباً مختلفاً في معالجتها للتكاليف المرتفعة للمنتج بتركيزها على تجزئة المنتج على وظائف ومكونات، ودراستها وتحليلها. اما أسلوب إعادة هندسة العمليات فركز على حاجة المنشآت الى تغيير عملياتها وانشطتها.