ملخـــص البحــــث
يعد الشيخ المحدث محمد بن الحسن الحر العاملي (1033- 1104هـ)، احد ابرز العلماء الذين افنوا اعمارهم الشريفة في خدمة حديث رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) , وكتابه (تفصيل وسائل الشيعة الى تحصيل مسائل الشريعة )، يعد احد المجاميع الحديثية المهمة لدى الامامية ،التي يرجع اليها الفقهاء في عملية استنباط الاحكام الفقهية، منذ تأليفه حتى عصرنا الحاضر، ومن المعلوم ان الامامية لديهم اتجاهان في عملية استنباط الاحكام الشرعية هما : الاتجاه الاخباري، الذي يعتمد أَتباعه كلياً على الاحاديث الواردة عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، والائمة المعصومين(عليهم السلام)، فقط، فلا يعترفون بعلم اصول الفقه، و لا يعترفون بعلم الرجال، بل لا يرون للعقل دوراً في عملية استنباط الاحكام الشرعية ؛ يقابله الاتجاه الثاني : الاتجاه الاصولي، الذي يعتمد على الحديث النبوي الشريف كمصدرٍ ثانٍ من مصادر التشريع الاسلامي زيادة على باقي مصادر التشريع ؛ والفترة الزمنية التي أُلِفَ فيها هذا الكتاب كانت تشهد انتشار الاتجاه الاخباري، و ان الطريقة التي اتبعها الحر العاملي في تأليفه للوسائل كانت مقاربة للطريقة التي اتبعها العلامة الحلي (ت676هـ) في كتابه (شرائع الاسلام)،التي اصبحت منهجاً متبعاً حتى يومنا هذا في كثير من كتب الفقه؛ فَحُسِبَ الحر العاملي على الاخباريين، والحال انه ليس كذلك فالذي يتتبع سيرته يجده معتدلاً في اتجاهه الفكري، ولم يكن متشدداً باتجاه احد الطرفين، فتراه يذكر علماء الطرفين بكل اجلال واحترام ،وبتتبع آرائه نجد انه خالف الاخباريين في كثير من الآراء؛ زيادة على انه ألّفَ في علم الاصول، و ان السيد الخوانساري (ت1313هـ)، وهو الاصولي والمؤرخ الكبير، وصفه بسلامة النفس والبراءة من التعصب، في حين عدَّه عمر رضا كحالة صاحب كتاب (معجم المؤلفين) من الاصوليين.