تعددت التعاريف اللغوية والاصطلاحية لمفهوم الفساد الإداري، ويتضح من خلال هذه التعريفات عدم وجود تعريف موحد له، إلا أنه بشكل عام يشير إلى الخروج على القانون والنظام أو استغلال المال العام لتحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية لفرد أو جماعة معينة، مما يجعله عملًا غير أخلاقي يتميز بإساءة استعمال السلطة أو الموقع الوظيفي لمنح بعض الأفراد أفضلية على الآخرين. كما يتمثل الفساد الإداري في قيام الموظف العام بارتكاب أفعال غير مشروعة تشكل إهدارًا لواجبات الوظيفة، حيث يخالف بذلك متطلبات التكليف الرسمي سعيًا لتحقيق مكاسب شخصية سواء كانت مادية أو معنوية. لم تقدم اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد تعريفًا مباشرًا للفساد، لكنها خصصت الفصل الثالث منها للتجريم وإنفاذ القانون، مستعيضةً عن التعريف بسرد حالات متعددة للفساد في المواد من 15 إلى 25، تاركةً للدول الأعضاء إمكانية تحديد أشكال مختلفة منه قد تنشأ مستقبلاً، وذلك نظرًا لمرونة مفهوم الفساد وإمكانية تكييفه وفقًا لاختلاف المجتمعات. ويبدو أن الاتفاقية اتبعت هذا النهج تجنبًا للتباينات السياسية والاقتصادية والثقافية بين الدول، والتي قد تعيق تبني الاتفاقية بصورة موحدة. يعد موضوع التدابير الدولية المضادة للفساد الإداري وأثرها على التشريعات العراقية من المواضيع المهمة، حيث يتناول أثر التدابير الوقائية والعلاجية التي نصت عليها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ومدى استجابة التشريعات العراقية لها، مع بيان انعكاساتها على هذه التشريعات. وقد تم تقسيم البحث إلى مبحثين، تناول الأول الأثر الوقائي للتدابير الدولية على التشريعات العراقية من خلال دراسة قانون هيئة النزاهة، وقانون المفتش العام، وقانون الرقابة المالية، ودور البرلمان. أما المبحث الثاني فقد تناول الأثر العلاجي لهذه التدابير من خلال دراسة نصوص التجريم في قانون هيئة النزاهة، وقانون العقوبات، وقانون أصول المحاكمات الجزائية، إضافة إلى القوانين الأخرى ذات الصلة بمكافحة الفساد.