أَظْهَرَ هَذَا الْبَحْثُ الْمُتَوَاضِعُ الْتَّأصِيْلَ لِقَضِيَّةٍ مُهِمَّةٍ مِنْ قَضَايَا هَذَا الْعَصْرِ، وَذَلِكَ فِيْ إِرْجَاعِهِا إِلَى أُصُوْلِهِا وَقَوَاعِدِهَا، حَيْثُ رَكَّزَ عَلَى مِحْوَرَيْنِ مُهِمْيَنِ: الْأَوَّلُ: مَنْ لَهُ حَقُّ الْاسْتِيْفَاءِ، وَالْثَّانِي: آلِيَّةُ الْاسْتِيْفَاءِ، وَالَّتِي رُوْعِيَ بِهِمَا طَبِيْعَةُ الْبَشَرِ؛ لِأَنَّ عُقُوْبَةَ الْقِصَاص وُضِعَتْ عَلَى أَسَاسِ طَبِيْعَةِ الْبَشَرِ، حَيْثُ أَنَّ كُلّ دَافِعٍ نَفْسِيٍّ يَدْعُو إِلَى الْجَرِيْمَةِ فَإنَّهُ يُوَاجَهُ شَرْعًا بِدَافِعٍ نَفْسِيٍّ مُصَادِرٍ يَصْرِفْهُ عَنِ ارْتِكَابِ تِلْكَ الْجَرِيْمَةِ وَالْمُتَمَثَّلُ بِعُقُوْبَةِ الْقِصَاصِ، وَذَلِكَ مَا يَتَّفِق تَمَامَ الاتِّفَاقِ مَعَ عِلْمِ الْنَّفْسِ الْحَدِيْث، وَكَمَا رُوْعِيَ هُنَا الْوَسِيْلَة الْأَسْرَع وَالْأَقَلّ إِيْلَامًا فِي اسْتِيْفَاءِ الْعُقُوْبَةِ كَالْكُرْسِيِّ الْكَهْرَبَائِيِّ، وَالْمِقْصَلَة الْمُحَدَّدَة.
تَنَاوَلَ هَذَا الْبَحْثُ بِالدِّرَاسَةِ وَالتَّحْقِيْقِ لِمَخْطُوْطَةٍ فِي الفِقْهِ الحَنَفِيِّ لِلشَيْخِ نُوْح بِن مُصْطَفَى القُونُوي الرُّوُمِيّ الحَنَفِيّ (ت1070هـ)، وَسَبَبُ تَألِيْفهَا أنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُؤلّفَ رِسَالة جَامِعَة لِمَسَائِلِ المَسْبُوقِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَمَا وَرَدَهُ سُؤَالَيْنِ مِنْ مَكَّةَ المُكَرَّمَة، وَقَدْ قَسَّمْتُ بَحْثِي عَلَى قِسْمَيْنِ: قِسْمٌ دِرَاسِيّ أَجْم
... Show More