مشكلة البحث واهميته
يعد الامن النفسي من الحاجات الاساسية اللازمة للنمو النفسي السليم لكل فرد، واذا ما اشبعها الانسان تهيأ لاشباع حاجاته النفسية والاجتماعية الاخرى. وتشتمل هذه الحاجة على تجنب الالم والتحرر من الخوف اياً كان مصدره والشعور بالطمأنينة الاقتصادية والاجتماعية والجسمية والحصول على تقبل الاخرين ورضاهم، فضلاً عن تقبل الفرد لنفسه وقناعته ورضاه عنها.
ان الشعور بالامن من الحاجات الضرورية لدى الطالب وهي تؤثر في شخصيته وسلوكه، فالخبرات المؤلمة والصادمة التي يعيشها الفرد مصدر مهم لاضطراب الشخصية، فالمضطرب شخصياً يفتقد للامن والرضا والحب، وتمتاز حياته بالتشتت والاضطراب انفعالياً وفكرياً وسلوكياً، وانعدام الشعور بالامن يفقد الفرد حيويته ومرونته في التعامل مع متطلبات الواقع، ويزيد من احتمالات القلق والصراع والاحباط، فتصبح حياته عبارة عن خطر يهدد نفسه، ويهدد الاخرين من حوله فما الامراض النفسية الا نتيجة لفقدان الشعور بالامن، (جاسم،2007،ص3).
تعد الحاجة الى الامن النفسي احد مقومات الصحة النفسية الاساسية لان هذه الصحة ليست مجرد خلو من الاعراض الشاذة وانما هي حالة تميز، فضلاً عن ذلك الشعور بالرضا والسعادة والطمأنينة. لذلك فان الحاجة للامن تؤدي دوراً فاعلاً في حياة كل فرد، اذ تؤثر في كيانه النفسي وتشتمل على كثير من خصائص الشخصية التي تميز الفرد عن الآخر، فالشخص الذي يشعر بالامن يتقبل نفسه والاخرين بالشكل الذي يمكنه من تكوين علاقات اجتماعية ناجحة تساعده على نمو مفاهيم ايجابية عن الذات، وتعزز هذه الرؤية ثقة الفرد بنفسه، فالشخص الآمن يمتلك لنفسه الشعور بالكفاية فيقدر ذاته ويحسها جديرة بالاحترام والثقة، (حسين،1987،ص109). وتضطلع مؤسسات اعداد المدرس بمسؤولية تكوين شخصية الطالب بما يضمن تحقيق شخصية ناهضة متزنة تستطيع القيام بالادوار السلوكية التي توكل اليه في المستقبل. ومن هنا تحتاج الطالبة/ المدرسة الى ان تتمتع بالامن النفسي، احدى جوانب الشخصية الواجب توافرها في مدرسة المستقبل للدور الذي ينتظرها في تشكيل سلوك التلاميذ وتعديله باعتبار ان الامن النفسي من الانماط السلوكية التي تكتسب من خلال عملية التنشئة التربوية، في حين ان عدم اشباع حاجة الفرد الى الامن النفسي يشكل مصدر للقلق وعدم الارتياح وانشغال الفكر وتوقع الشر وقلق المستقبل مما يؤثر على فاعليته ويعمل على شل حركته، وهذا ما يقف حائلاً امام تكيفه وتعايشه السلمي مع نفسه ومع الاخرين، فقد اشارت دراسة الدليم 2005 الى وجود علاقة دالة بين تدني الاحساس بالامن النفسي وارتفاع درجة الشعور بالوحدة النفسية لدى طلبة الجامعة، (الدليم،2005،ص15). كما اشارت دراسة الطهراوي 2007 الى ان مستوى الامن النفسي ارتبط طردياً بايجابية الاتجاهات نحو الانسحاب الاسرائيلي من غزة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية، (الطهراوي،2007،ص1008). واشارت دراسة المحمداوي 2007 الى ان الامن النفسي يعد عاملاً منبئاً بالسلوك الاجتماعي، (المحمداوي،2007،ص80).
يعاني الطالب العراقي اليوم الكثير من الحرمان والتهديد والقلق والصراع نتيجة للتغيرات الكبيرة التي حدثت في مختلف مجالات الحياة خاصة بعد9/4/2003 اذ ترتب على هذه التغيرات عند الشباب بصورة خاصة، تزايد الصراع بين الحفاظ على الموروث من جهة، واتباع نمط حياة متأثر بهذه التغيرات دون توافر الاستعداد لتحمل تبعات ونتائج هذا النمط، ونقص المحاولات الجادة لحل الاشكالية الناجمة عن الجمود النسبي للبنى التقليدية. مما حمل الظروف الراهنة اشكالاً اضافية من الارهاق التي قد تتجاوز امكانات المواجهة عند الافراد في المجتمع بصورة عامة والطلبة بصورة خاصة وبذلك فان احتمالات تضرر الامن النفسي تكون كبيرة، لذلك فقد استشعرت الباحثة اهمية التعرف على مستوى الامن النفسي لطالبات كلية التربية للبنات. وبذلك فيمكن ايجاز مشكلة البحث في السؤال الآتي:-
هل تتمتع طالبات كلية التربية للبنات بمستوى جيد من الامن النفسي؟