في بداية الستينيات ظهرت شبكة الإنترنت لاستعمالها في أغراض غير تجارية ، ثم تطورت بشكل مذهل خلال السنوات الأخيرة، فبعد أن كانت مجرد شبكة صغيرة أصبحت الآن تضم ملايين المستخدمين حول العالم ، وتحولت من مجرد شبكة بحث أكاديمي إلى بيئة متكاملة للاستثمار والعمل والإنتاج والإعلام والحصول على المعلومات .
وفي بداية تأسيس الشبكة لم يكن ثمة اهتمام بمسائل الأمن بقدر ما كان الاهتمام ببنائها وتوسيع نشاطها إلا أنَّه بعد إتاحة الشبكة للعموم بدأ يظهر على الوجود ما يسمى بالجرائم المعلوماتية على الشبكة أو بواسطتها، وهي جرائم تتميز بحداثة الأسلوب وسرعة التنفيذ وسهولة الإخفاء والقدرة على محو آثارها وتعدد صورها وأشكالها، إضافة إلى اتصافها بالعالمية وعبورها للحدود . وقد صاحب تطور شبكة الإنترنت وانتشارها الواسع والسريع ظهور العديد من المشاكل القانونية ، فظهر على الساحة القانونية مصطلح جديد عرف باسم " الفراغ القانوني لشبكة الإنترنت "، وإزاء ذلك كان لابد من تكاتف جهود الدول من أجل مكافحة هذا النوع المستحدث من الجرائم التي لم تعد تتمركز في دولة معينة ولا توجه إلى مجتمع بعينه بل أصبحت تعبر الحدود لتلحق الضرر بعدة دول ومجتمعات مستغلة التطور الكبير للوسائل التقنية الحديثة في الاتصالات وتعزيز التعاون بين هذه الدول واتخاذ تدابير فعالة للحد منها والقضاء عليها ومعاقبة مرتكبيها .
ولمواجهة الصعوبات التي تواجه التعاون الدولي في مكافحة جرائم الإنترنت كان لا بد من اتخاذ إجراءات سريعة تتمثل في تحديث التشريعات الوطنية المتعلقة بالجرائم المعلوماتية وجرائم الإنترنت وإبرام اتفاقيات (دولية، إقليمية، ثنائية) لمواجهة القصور في التشريعات والقوانين الحالية ، ومعالجة حالات تنازع القوانين والاختصاص القضائي وتحديث الإجراءات التحقيقية الجنائية بما يتناسب مع التطور الكبير الذي تشهده تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، وتأهيل القائمين على أجهزة تنفيذ القانون لتطوير معلوماتهم حول هذا النوع المستحدث من الجرائم