تعرض الاقتصاد العراقي إلى صدمات نقدية شديدة بسبب الظروف السياسية والاقتصادية غير المستقرة والمتمثلة بشكل أساسي لخوض العراق حرب طويلة الأمد مع إيران في الثمانينات وحربين مدمرتين مع الولايات المتحدة الأمريكية فضلاً عن فرض الحصار الاقتصادي طيلة ثلاثة عشر عاما ً .
وتهدف هذه الدراسة إلى قياس وتحليل الصدمات النقدية التي تعرض لها الاقتصاد العراقي في فترة الثمانينات والتسعينات وبداية هذا القرن وبيان آثارها وسبل مواجهتها .
وأظهرت الدراسة أنَّ محاولة تثبيت سعر الصرف سواء من خلال إتباع سياسة سعر الصرف الثابت كما هو الحال في الثمانينات أو سياسة سعر الصرف المدار من قبل البنك المركزي (كما هو الحال بعد عام 2003) لا يساعد على امتصاص الصدمات النقدية، وبالمقابل إن َّ إتباع سعر الصرف المعوم أو المرن كما حصل بشكل أساسي في التسعينات ساعد الاقتصاد العراقي في امتصاص الصدمات النقدية بالرغم من الإصدار النقدي غير المنضبط خلال تلك الفترة .
كما ساعد في انتشار ظاهرة الدولرة في الاقتصاد العراقي في امتصاص الصدمات النقدية من خلال تحوط الأفراد واحتفاظهم بالعملة الأجنبية وجعلها كمخزن للقيمة بدلا من العملة المحلية، إذ أظهرت الدراسة توجه الطلب على النقود نحو إحلال النقود الأجنبية الدولار بدلا ً عن العملة المحلية الدينار .
وأكدت نتائج النموذج القياسي أنَّ هناك علاقة عكسية بين الطلب الحقيقي على النقود وبين سعر الصرف وعلاقة طردية بين الطلب على النقود وبين الناتج المحلي الإجمالي مما يدعم النظرية الاقتصادية والمنطق الاقتصادي
وقدم الباحث مجموعة من التوصيات أهمها: إن َّ سياسة سعر الصرف المدار من قبل البنك المركزي العراقي والمتبعة حاليا ً ينبغي أن يرافق تثبيت أسعار الصرف معدل نمو ثابت في عرض النقد؛ لكبح معدلات التضخم للمساهمة في استقرار الاقتصاد العراقي وعزله عن الصدمات النقدية. كذلك ضرورة العمل على استقلالية البنك المركزي؛ ليأخذ دورة في رسم السياسة النقدية بعيدا ً عن تدخلات الحكومة، فضلا ً عن العمل بشكل جدي على تنويع سلة العملات الصعبة، وتكوين احتياطات من اليورو والين والجنيه الإسترليني، لمقابلة أي تغيرات نقدية عالمية في المستقبل المنظور وعدم البقاء رهينة للدولار الأمريكي .