اتضح لنا ما تقدم ان ما يسمى بالتنمية البشرية المستدامة لا تعدو تكون غير سياسة لتحشيد واستقطاب القوى المضادة للتقدم وتحويلها الى جيش موغل في منافعه بعد تشريكه بجرائم الامبريالية وتوظيفه ضد شعبه بإسم التنمية، وبإسم قلب لسلم الاولاويات، وتحريف تاريخ التقدم والتطور الذي لم يبني عرشه لا بتقديم الرعاية الانتاجية، الاقتصادية على الرعاية الاجتماعية، طيلة حقبة زمنية تجاوزت الاربعة قرون. ولما كان عصياً قلب المفاهيم فقد تم استبدالها بمصطلحات جديدة (تنمية مستدامة، تمكين، حاكمية رشيدة... الخ) لم يكن الهدف من وراءها الا تكييف العالم الموسوم بالتخلف، وكياناته، وانسانه لموائمة قطب غير عاقل، قبل ان تتمكن من اجتثاثه، بدل ان يتكيف هذا القطب لمنطق العقل.
لكل ما سبق ذكره جاء التأكيد على التنمية البشرية المستدامة، عائماً دون اساس شرعي، تائهاً دون مرتكزات مفاهيمية رصينة... اشكالي، مضلل.
انها برنامج يهدف الى تشريك وضيع للشرائح الفقيرة وايجاد حصة لها في نظام الفساد العالمي. كفرصة لدمجه، بإعتباره آخر متراس مسكون بلايوتوبيا، والراديكالية، ولأن اليوتوبيا والراديكالية اصبحتا من التابوات البوشية (نسبة الى بوش) لذا فإنها تتم اليوم تحت يافطة ديمقراطية (متأخرة)، ديمقراطية على غرار البلشفية يغيب فيها الرحم الحامل والمنجب الشرعي لها.