بسبب محدودية الموارد الطبيعية، فأن سكان الخليج ومنذ القدم وجهوا جلّ نشاطاتهم توجهاً بحرياً: صيد الاسماك وصناعة اللؤلؤ العنصر الرئيس في حجم التشغيل، وتكوين الفائض الاقتصادي في المنطقة آنذاك.
لقد تزايدت أهمية هذا النشاط بخاصة بعد النصف الثاني من القرن التاسع عشر، لرواج تجارة اللؤلؤ عالمياً، وأنفتاح الخليج على الدول الاوروبية التي شهدت نهضة صناعية متسارعة، وحيث وصلت الخليج العديد من بضائعها ذات الاسعار المناسبة والنوعية الافضل.
إن عدد العاملين في صناعتهِ لم يقل عن 20-25% من مجموع العاملين في المنطقة خلال الربع الاول من القرن العشرين ويبين لنا المؤرخ J.G.Lorimer إن عدد العاملين وصل الى حوالي 90 ألف شخص من سكان قدر مجموعه بـ 300 ألف نسمة وذلك في أواسط العقد الأول من القرن العشرين. وبالأضافة الى العمل المحلي هناك وافدون من أيران والهند وباكستان مع وافدين من شرق أفريقيا، أستُقدم العديد منهم كعبيد سخرهم مالكوهم للعمل في صناعة اللؤلؤ وذلك بالرغم من محاربة السلطات البريطانية آنذاك لأعمال القرصنة وتجارة العبيد في منطقة الخليج والمحيط الهندي.
تفصح التراتيب الوظيفية في صناعة اللؤلؤ عن وجود تسع فئات مُقسمة بدقة حسب نوع العمل الذي تقوم به كل فئة. والعنصران الفاعلان في العملية الانتاجية هما:-
التاجر "الممول": يُمول العاملين بسلف تصل فائدتها الى حوالي 25% على أساس الموسم الذي يستمر بين 4-5 أشهر. وغالباً ما يستحوذ على الجزء الاعظم من الارباح بطريقة أو بأخرى..
الغواص ومساعده: يُلاحظ هنا تناقضٌ واضح، فمن ناحية هما الحلقة الاهم والاخطر في العملية الانتاجية وحيث لا يملك الغواص الا قابلياته البدنية أثناء عملية الغوص؛ ومن ناحية أخرى هما من أكثر المتضررين مادياً وأجتماعياً وصحياً بين الاطراف الاجتماعية المشاركة في هذه الصناعة.
لم تعرف هذه المهنة نظاماً للأجور، بل كانت تعمل وفق طريقة "المحاصصة" ونادراً ما كان يحصل الغواصون ومساعدوهم على ما يسدون به سلفهم وديونهم السابقة مع فوائدها المتزايدة.
النقطة المركزية: ان العاملين عادةً ما يبقون في دين مستديم، وهذا ما يخوّل الممول حسب العرف السائد آنذاك والذي هو بمثابة قانون مُلزم من الابقاء عليهم للعمل في المواسم اللاحقة.
لقد تراجعت صناعة اللؤلؤ منذ أوائل ثلاثينيات القرن الماضي، أثر اجتياح اللؤلؤ" الرخيص" المستزرع في اليابان ومناطق أخرى من العالم. ومن حسن حظ المنطقة ان صادف ذلك البدايات الاولى للأكتشافات النفطية حيث انتقل العديد من العاملين فيها الى الصناعة النفطية الحديثة.