حاول البحثُ أن يقدم رؤية للإجابة عن بعض التساؤلات التي أحاطت بمصطلح الحداثة وجذورها ، وأصولها ، وعن جهة انتماء المصطلح وجذوره، وهل يملك العربُ حداثةً ؟ أو أن ارتباط الحداثة بهم لا يعدو عن كونه أسلوباً ما لاستقطاب الأنصار، كما ناقش البحث الادّعاء القائل إنّ الحداثة عند العرب ليست سوى ( حداثة تلفيـقيّـة ) أخذت ما عند الغير ، ولم تجدّد فيه ؟
كما تناول البحث مفهوم الحداثة عند الغرب بوصفهِ منهجاً وفكرا يشمل مناحي الحياة جميعاً ، غير أنّه منهج قائمٌ على التمرّد على القيم والمعتقدات كلّها ، فالحداثة في الأدب في الغرب لا تعترف بالقيود أخلاقية ، أو العَقدية ؛ ولكنّها تركّز على الجنس الأدبي، بغض النظر عما يحمله من أفكار قد تتنافى مع العقائد ، و الشرائع ، و الأخلاقيات .
أوضح البحثُ أن هذا المفهوم لا يتطابق مع القيم التي يؤمن بها المجتمع العربي ، وقد دفع ذلك كثيراً من دعاة الإسلام ومنظّريهِ إلى التصدّي لهذا الفكر الهدّام الوافد إلينا من الثقافة الغربية ؛ غير أنّ ذلك أسهم - بطريقةٍ ما – في إيجادِ إشكالية أخرى تمثّلت في محاربة العامة لكل ما يحمل شكلا جديداً يخرج عن الشكل التقليدي للأدب الموروث ؛ حتى و إن كان ذلك لا يتنافى مع العقيدة والتقاليد.
اعتمد الباحثان في هذا الجهد المختصر الذي تناول موضوع الحداثة بين الأدبين ؛ الغربي والعربي ، على المنهج الوصفي ، وأفادا من مصادر عديدة تناولت الموضوع ، وضرت سهماً فيهِ .انقسم البحثُ على مباحثٍ ثلاثة : كان الأول عن الحدثة في الأدب الغربي ، فيما خُصّص الثاني للكلام عن الحداثة في الأدب العربي . أما المبحثُ الثالثُ فقد تناول إشكالية الحداثة في الأدب العربي ما بين التأييد والاعتراض ، وما بين الأصالة والاتباع .
خلص البحث إلى نتائجٍ مهمةٍ ، كان من أبرزها إنّ مصطلح الحداثة بمفهومه الحالي نتاجٌ غربي نشأ في ظلّ تحولاتٍ كبرى شهدها العالم الغربي ؛ تمخض عنها أعظم تطور في حياة البشرية ، ثم انتقل مصطلح الحداثة إلى الأدب العربي بغموضه ، وتعقيداته، ولهذا تعددت مفاهيمه التي استندت إلى رؤى شخصية ، كما نتج عن ذلك جدلٌ أوجد تيارين متصارعين ؛ أحدهما كان معادياً للحداثة الغربية ، رافضاً لكلّ ما فيها ، وآخر مناصراً لها ومروّجاً لكلّ ما فيها من غثّ وسمين ؛ فيما ظهر تيارٌ جديد يمكن أنْ نعدّه تياراً ثالثاً بذل جهدا واضحاً للتوفيق بينهما .