كان من مظاهر تأثير اللغة العربية في الفارسية بعد الفتح الإسلامي، القرآن الكريم والحديث الشريف، فتأثر الشعراء والأدباء الإيرانيون بهما وبفنون أقوال العرب عموماً، فاقتبسوا في أشعارهم وكتاباتهم الفارسية أو العربية منها، كثيراً من الآيات والأحاديث والمصطلحات العربية، وهذا الاقتباس هو فنّ أدبي ينتمي الى المحسنات اللفظية والتي تشكّل مع المحسنات المعنوية عُنصُري علم البديع الذي هو فرع من ثلاثة علوم الى جانب علم المعاني وعلم البيان والتي هي فروع البلاغة. والاقتباس معناه أن يضمّن الكلام نظماً كان أو نثراً، شيئاً من القرآن أو الحديث لا على أنه منه. تناول البحث الموسوم بـ( الاقتباس القرآني في دوحة الأزهار ) موضوع الاقتباس وأضربه في كتاب ( دوحة الأزهار) وهـو مثنوي للشاعر الإيراني الرقيق (زين العابدين علي عبدي بيگ الشيرازي ) في وصف دار السلطنة ( جعفر آباد ) في حكم الشاه ( طهماسب ) الصفوي. توفر البحث بعد المقدمة على ذكر البلاغة بين العربية والفارسية كمدخل للتعريف بها، ومن ثم ذكر الاقتباس بأضربه: النصّي والاشاري والمعنوي، والنتائج التي توصل اليها البحث من نواحٍ ثلاث : الأولى الاقتباس والفن الأدبي إذ جمع الشاعر بين لفظ ومعنى البيت الشعري ولفظ ومعنى الآيات الكريمات بأسلوب ينمّ عن براعة وتوفيق فجاء نسجُهُ دليلاً على ثقافته وعلمه بكتاب الله تعالى وفهم الآيات القرآنية ومناسباتها، وفي أحيانٍ كثيرة كان يستخدم الألفاظ القرآنية قاصداً بها بيان غرضه ومقصوده الشعري وليس غرض الآية ومعناها الأصلي. والثانية الاقتباس والأثر النفسي، وبيان أنّ اقتباس اللفظ والمعنى القرآني في الشعر له وقع وأثر لدى المتلقي فهو يحرّك أحاسيسه وعواطفه ويزيدُ من حركة الكلام والتفاعل بين الشاعر والمتلقي. والناحية الثالثة الاقتباس والأثر الاجتماعي، فالاقتباس القرآني يُظهر الشاعر عارفاً بدينه وبكتاب الله، قارئاً له فيتمَيّز من أقرانه ممن لا يسلكُ هذا النهج كما تكون اشعاره موضع ترحيب واستحسان عند سلاطين المسلمين فينال صلاتهم وعطاياهم ويتمتع في أكنافهم بالجاه والحُظوة والمكانة المحمودة.