أهميـــة البحــث :
تعد مشكلة المخدرات من اهم واخطر المشكلات التي تواجه العالم في وقتنا الحاضر بل ومختلف المجتمعات وصانعي السياسة ومتخذي القرار .
تتجلى خطورة هذه الآفة الخطيرة والفتاكة في ازدياد ظاهرة تعاطيها وانتشارها في العالم بشكل عام والمجتمعات العربية والاسلامية بشكل خاص في ظل الظروف التي يواجهها الافراد في مجتمعاتنا من ضغوط امنية واقتصادية واجتماعية جعلت بعض الأفراد أسير هذه المواد الخطرة التي تترك آثارها السلبية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية والامنية على الفرد وعلى المجتمع الذي ينتمي اليها المتعاطي بأسره .
إن هذه الظاهرة اصبحت مثيرة للذعر والرهبة الى حد كبير لدى مجتمعات العالم المدركة لاخطاره ، إذ أنها اصبحت تهدد متداوليها او متعاطيها خاصة والمجتمعات البشرية عامة ، ولوحظ ازدياد اعداد الشباب المتعاطين للمخدرات مما ادى الى ارتفاع في الاصابة بالامراض العقلية ، الانتحار ، العنف ، وانتشار العديد من السلوكيات المنحرفة كالجريمة والجنوح والارهاب وتهريب الاسلحة وتزييف العملة ( مجيد ، 2006 ، ص14)
اورد تقرير للامم المتحدة عام (2005) ان عدد الاشخاص الذين يتناولون المخدرات عام (2003) بلغ (185) مليون شخص في العالم مقابل (180) مليون في التسعينات وان القنب الهندي هو الاكثر انتشاراً بين مختلف اصناف المخدرات إذ يتناوله (150) مليون شخص .
وفي تقرير لمكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في تقريره للعام 2004 ان حوالي (38) مليون شخص كانوا يتناولون المخدرات التركيبية (امفيتامينات وحبوب الهلوسة) مقابل (29) مليون شخصاً خلال الفترة من (1992 – 2002) فيما بلغ عدد مدمني الافيون والمورفين والهيرويين (15) مليون شخصاً ، وعدد مدمني الكوكايين (13) مليون شخصاً .(المشعان ، احمد ، 2006 ، ص18)
إن الآثار الاقتصادية تمتد الى اقتلاع الغابات الزراعية لزراعة الكوكايين فمثلاً في البيرو تفيد احدى التقارير الى ان المنطقة التي كانت تكسوها الغابات في سفوح بيرو كانت تقدر (800.000) هكتار ، وهذه المنطقة جميعها قد تم اتلافها واقتلاع الاشجار منها بهدف زراعتها بنبات الكوكا ، وقد تمكنت الحكومة من اكتشاف (173) مستودعاً سرياً لمادة الكوكا وصادرت (22) طائرة إضافة الى انها اكتشفت (53) مختبراً سرياً مخصصاً لانتاج المادة القاتلة ونقلها الى الخارج بواسطة الطائرات (الفضيلات ، 1992 ، ص71).
إن انتاج افغانستان من المواد المخدرة قد تضاعف في عام 1999 فقد بلغ (2600) طن ، وان 90% من افيون العالم ينتج في هذا البلد ، ويتخذ من ايران وآسيا الوسطى معابر للوصول الى السوق الاوربية (الهاشمي ، 2002 ، ص) .
توصلت دراسة اجرتها الدكتورة الفت مهران (1989) في جمهورية مصر العربية عن الادمان والمدمنين في الجامعات المصرية الى ان عدد مدمني المخدرات بالجامعات المصرية يصل الى 20% مناصفة بين الطلبة والطالبات ، اذ اشارت الدراسة الى ان مجموع الطلبة المدمنين يصل الى (100.000) مئة الف طالب وطالبة تقريباً من مجموع الطلبة البالغ عددهم (500.000) خمسمائة الف طالب وطالبة تقريباً .
وأن متوسط التكلفة اليومية للمدمن الواحد (20) جنيهاً ومتوسط التكلفة السنوية للمدمن الواحد (7200) جنيه ومتوسط التكلفة لمجموع المدمنين (720.000.000) سبعمائة وعشرون مليون جنيه ( الفضيلات ، 1992 ، ص71).
إن ابرز خصائص الادمان هو ان المدمن يشعر برغبة غلابة قهرية لاتقاوم بادامة تناول المخدرات والاستمرار عليها ، مما يضطر لان يسلك مختلف السبل للحصول على جرعته ، إذ قد يلجأ الى السرقة والتزوير أو ارتكاب مختلف الجرائم ، وفي حالة عدم استطاعة الحصول على المادة المخدرة فانه يتعرض الى امراض نفسية وجسمية فيصاب الشخص المدمن جسمياً بامراض مختلفة بسبب سوء صحته العامة وضعف مقاومته لما يصيبه من امراض كما ان التعاطي يؤدي الى تغيرات عضوية في الجهاز العصبي . (العاني ، 2006 ، ص3)
إن الابحاث العلمية الجنائية في مختلف انحاء العالم اكدت ان المخدرات هي مفتاح لغيرها من الجرائم ، بل انها تقود بالضرورة الى ارتكاب جرائم اخرى كالسرقة والقتل والتهريب .
إن الحجم الحقيقي لمشكلة انتشار المخدرات والمواد المسببة للادمان صعب الوصول اليه في كل المجتمعات ، فالجزء المعلن من خلال الاحصائيات والدراسات دائماً اقل من الواقع لذلك عند المباشرة ببناء برنامج وقائي او علاجي فعال يجب ان يأخذ المعدون هذه الحقيقة بنظر الاعتبار (علي ، 2004 ، ص10)
اما في العراق فحتى وقت قريب كان هذا البلد يعد من البلدان القليلة البعيدة عن مخاطر هذه الآفة من خلال تقارير الامم المتحدة وبالتحديد قبل سقوط النظام السابق قد يعود ذلك للقوانين الصارمة التي كانت معمول بها والخاصة بمكافحة المخدرات ، الا ان الفلتان الامني وعدم السيطرة على الحدود جعلت هذا البلد يتحول الى المعبر الرئيس لانتقال هذه المواد عبر افغانستان وايران الى دول المنطقة واوربا ، فقد اورد تقرير للامم المتحدة المعني بالمخدرات عام (2006) ان عمليات الاتجار بالمخدرات اخذت تنشط على الحدود العراقية مع الكويت والاردن . والجدير بالذكر ان العراق بتاريخ 8/7/1987 قد شكل لجنة تعنى بشؤون مكافحة المخدرات سميت بـ( اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات والمسكرات والمؤثرات العقلية) بناءاً على ما ورد بقرار رقم (6) وهو من مقررات مجلس وزراء الصحة العرب في اقطار الخليج العربي بدورته (23) .
وقد اعيد تفعيل وتشكيل اللجنة بموجب قرار مجلس الحكم المرقم (66) عام 2004 ، قامت اللجنة لاول مرة بعقد ندوة وطنية شاملة لمكافحة المخدرات في وزارة الصحة بتاريخ 9/11/2004 لوضع استراتيجية وطنية واضحة المعالم لمواجهة المشاكل المتزايدة من انتشار وسوء استخدام المخدرات والمواد الاخرى ذات التاثير النفسي . (علي،2004،ص15).
مما تقدم تبرز اهمية البحث الحالي للوقوف على الآثار الضارة الاجتماعية والنفسية والاقتصادية لظاهرة تعاطي المخدرات وطرق الوقاية منها خاصة وان المشكلة حديثة العهد ودخيلة على مجتمعنا .