تعد شريحة المعلمين والمدرسين من أهم الشرائح في المجتمع لما لها من أهمية ودور كبيرين في إعداد الأجيال إلى مراحل دراسية الجامعية والأعمال والمهام التي يتطلبها منهم المجتمع في المستقبل ، لذا سعت الدوائر والمؤسسات التربوية للاطلاع والوقوف على المعيقات التي يمكن أن تؤثر على هذه الشريحة من حيث الإعداد أو الحجم أو التخصص أو الخبرات من اجل رفد العملية التربوية والمؤسسات التربوية بكل الإمكانيات والظروف سعيا لتحقيق الأهداف التربوية الكبرى والتي أول متطلباتها وجود معلمين ومدرسين مؤهلين لأداء أدوارهم المنهية المتعلقة بالتربية والتدريس .
وربما يكون التوافق المهني من أهم المتطلبات التي تنعكس سلبا أو إيجابا على سير العملية التربوية، وبالتالي فقد تكون مؤشرا من المؤشرات المهمة التي يمكن من خلالها توقع نجاح المدرس أو المعلم في أداء دوره التربوي. إذ أن المدرس إذا لم يكن متوافقا مهنيا مع مهنة التدريس لأسباب مختلفة، ربما تقوده إلى شعور بعدم الرضا الوظيفي ومن ثم الشعور بالاحتراق النفسي وما يعتريه من أثار سلبية لاتتعدى شخص المدرس فحسب ، بل دوره التربوي أيضا ( الراشدان ، 1995،ص6).
أما إذا استمر عدم التوافق المنهي لدى المدرس لمدة زمنية طويلة نتيجة لظروف مختلفة قد تكون مادية أو نفسية أو الاجتماعية ( صالح، 1995، ص65). فان ذلك سينعكس على أداء عمله المهني كما توصلت إليه بعض الدراسات والتي أشارت إلى وجود علاقة بين التوافق المهني وعدم الرضا المنهي والاحتراق النفسي واضطرابات الصحة النفسية (Truch,1980,p75 ) .
إن الظروف السابقة التي مرت على شريحة المعلمين والمدرسين فضلا عن الظروف الحالية تتطلب دراسة المتغيرات التي من المتوقع إن تؤثر على توافقهم المهني أو لها اثر ايجابي عيهم لاسيما ونحن نعيش في مرحلة من الحرية تتطلب من المعنيين أو الباحثين في الموضوعات التربوية إن تقف على المعيقات التي يمكن إن تؤثر على توافق المدرس المهني وبالتالي تؤثر سلبا على العملية التربوية والتحصيل الدراسي ، فإذا كنا نسعى نحو التخطيط الصحيح والمناسب للمراحل والأجيال القادمة التي نتمنى إن تبني وتعمر الوطن فلابد أن نبحث في المؤثرات التي ربما تؤثر على مهنة التدريس ومنها المرتبات والخبرة العملية التي سيتطرق لهما الباحثان في بحتهما الحالي والذي يسعى للإجابة على تساؤل يتعلق في هل المرتبات والخبرة تؤثران على التوافق المنهي للمدرسين في المدارس الثانوية ؟ وهو مايسعى البحث الحالي للإجابة عليه .
أهمية البحث والحاجة إليه:
يعتقد عالم النفس أبراهام ماسلو بأن الشخص المتوافق هو الذي يستطيع إشباع حاجاته حسب أولوياتها, فيشكل لديه الإحساس بالارتياح والرضا الذي يكون دافعاً قوياً من خلال سعي الفرد ألمستمر لتنظيم حياته وحل صراعا ته وصولا إلى الصحة النفسية التي هي أساس التوافق ( داود, 1988, ص3-5)
وأشار سجموند فرويد إلى أن الصحة النفسية التي يكون التوافق أحد شروطها تتكون عندما يمتلك الفرد القدرة على الحب والقيام على العمل المثمر، و يحدث هذا عندما يكون هناك انسجام بين المكونات الثلاث للشخصية ( ألهو, ألانا, ألانا العليا ) ( داود وحنا والعبيدي, 1990, ص91-97)
ويمكن أن نقول بأن التوافق يتمثل في جانب الإدارة البشرية لتغيير الواقع نحو الأفضل وهو ضمن هذه المقاييس يكون أساس تطوره ونموه الذي يتضمن خبرت الفرد الماضية والحاضرة. ولابد من الإشارة هنا إلى أن حالة التوافق تتم بشكل تدريجي ،فلا يوجد توافق تام أو سؤ توافق تام, وهذا يعني إن حدوثه نسبي لتعلقه بقدرات الفرد الشخصية ولارتباطه بالثقافة والزمان والمكان. ( مخيمر: 1972. ص15) .
ونظراً لاختلاف الشخصية وتنظيمها ودوافعها واساليب إشباعها من فرد إلى أخر, فأن مقدار الرضا عن المهنة والتوافق معها يكون مختلفاً بين الأفراد أيضا. لذا فأن الاهتمام بالمهنة يعكس اصلاً ما تحقق من حاجات نفسية وما أحبط منها. والفارق بين الأفراد يعتمد على ما تحقق من إشباع في تلك الحاجات في إدراكهم للمهن أو العلاقات الاجتماعية التي تشكل ميولهم ورغباتهم في دخول هذا المضمار من العمل أو العدول عنه، فإذا كانت المهنة تحقق الإشباع للفرد ، يشعر بالرضا عنها ، أما إعاقة إشباعها فسيخلق توتراً ينجم عنه شعور بعدم الراحة مصحوباً بقلق يؤثر سلباً على البناء النفسي والاجتماعي للفرد مما يدفعه إلى القيام بسلوكيات محاولاً إن يعيد إلى نفسه اتزانها الذي اختل ( غالي: 1984, ص39) ( جورارد, 1976: ص35) وهذا يعني إن فاعلية الإنسان واستثارة دافعيته وما يعترضها من احباطات و صراعات هي أعمق من أهدافه المادية لكسب الرزق, على الرغم من انها جزء من الكل الذي ينبغي من ورائه الوصول الى حالة التوازن, واحلال حالة الرضا عن الذات الذي يرتبط ايجابياً بكثير من المفاهيم النفسية ومنها التوافق المهني.
وعلى الرغم من التغيرات التي حصلت بزيادة رواتب المدرسين إذ أصبح من لديه خدمة راتبه ما يقارب 500 ألف دينار فما فوق ، والمدرسين الذين تم تعيينهم من جديد ومن ليس لديهم خدمة كانت رواتبهم قليلة نوعاً ما إذ تصل إلى ما يقارب إلى 200 . ونظراً للظروف التي يمر بها البلد من تغيرات اقتصادية وارتفاع الأسعار والحاجات الظرورية مما أثقل كاهل الفرد العراقي بشكل عام والمدرسين بشكل خاص والذين لربما يؤثر هذا الوضع على رغبتهم في التواصل في العمل الجاد ضمن متطلبات المهنة المهمة والحساسة في المجتمع الذي يعيشون فيه، وكذلك الأمر لربما يؤثر على توافقهم المهني وهو مادفع الباحثان للقيام بمثل هذا البحث ضمن شريحة المدرسين في المدارس الثانوية لما لهم من أهمية فائقة وفق طبيعة المرحلة العمرية التي يتعاملون معها فضلا لأهمية دورهم في المجتمع الكبير ودورهم الفعال في إعداد الطلبة لمراحل دراسية جامعية لاحقة تعد المرحلة الثانوية الأساس الفاعل في مستقبلهم الدراسي والمهني .
أهداف البحث
- قياس التوافق المهني للمدرسين
- ايجاد الفروق بين المدرسين أصحاب المرتب العالي والواطئ في توافقهم المهني
- إيجاد الفروق بين المدرسين من ذوي ا لخبرة الكبيرة والخبرة الصغيرة في توافقهم المنهي .