يرى الباحثون في علم النفس إن السنوات الأولى من حياة الطفل هي من أهم السنوات في تكوين شخصيته وتوجيهها وتنشئتها النشأة التي تبنى عليها أصولها من خلال مراحل النمو التالية. ( الطحان، 1987، ص 17)
إن من أهم أنواع السلوك التي يتعلمها الطفل في بداية السنة الأولى من حياته هي الاستجابات الاجتماعية للناس نتيجة تفاعله مع أمه وان هذه الاستجابات للام أو لمن ينوب عنها يتسع مجالها كلما تقدم الطفل بالعمر، فيعممها على الآخرين فيما بعد. لذا فان الأم عامل مهم في تكوين شخصية الطفل وعلاقتها به تحدد أنماطه السلوكية في استجاباته نحو المواقف المختلفة. وقد توصلت الدراسات إلى إن غياب الأم وانفصالها يؤثر بصورة مفزعة في تكوينه النفسي لاسيما إذا ما حدث ذلك بسن مبكرة دون أن يكون هناك بديل للام بصورة دائمة يعوض الطفل عن الحنان والرعاية ( الالوسي، وخان، 1983، ص86)
تشكل الأم الحلقة الإنسانية من العالم الخارجي . وان دور الأم هذا لا يعني أن يقلل من دور الأب أو دور الآخرين الذين يمثلون أسرة الطفل الذين يساعدونه على تكوين اتجاهات اجتماعية وعلى اكتساب أسس أخلاقية. ( فونتانا ، 1989، ص20)
إن دور الأب يتضح في مسؤوليات معينة ، إذ يشعر الطفل بحبه له وعنايته به منذ وقت مبكر من حياته. ويجب أن يشترك مع الأم كلما سنحت له الفرصة، وذلك بالاهتمام بحاجات الطفل بحيث يشعره بأنه على اتصال دائم به، فاستمرار العناية واتصال الود من الأمور المهمة الباعثة على استمرار الصغار وشعورهم بالأمن.( الغريب، 1977، ص91) في الوقت نفسه فان الإنسان يستمد إحساسه بإنسانيته من خلال اتصاله بالآخرين ، فهو يحتاج إليهم ليعزز استمرار وجوده ويدخل في علاقات شخصية من اجل إثراء كيانه ، فهو كما يقول موراي Morey " وجود ضروري في وسط مادي اجتماعي وحضاري وهو لايستطيع أن يكون في عزلة " . ( الحفني، 1983، ص 497) . ولا يتحقق له الشعور بالرضا والأمن والحب والصداقة إلا من خلال الانتماء للجماعة الذي يكمن في كوينه النفسي. فهو بحاجة إلى احترام الذات والتقدير والحب والنجاح، وهي حاجات تؤدي أدوارا مهمة في تكوين الجماعات وبقائها عن طريق التفاعل بين أفراد الجماعة الواحدة أو بين الجماعات المختلة . ويتضح مما تقدم إن دور كل من الأب والأم يكمل بعضه البعض وان للأسرة أهمية كبيرة في حياة الأبناء، ويمثل الاتحاد ينهم قدرتهم على تكوين شخصية سوية تؤهل أبنائهم لان يكونوا أفرادا نافعين في المستقبل. ( حمزة، 1996، ص139)
لقد تناول الباحثون دور التعلق لدى المراهقين الذين يحتاجون إلى رعاية نفسية نتيجة ما يعانون من اضطراب السلوك ، ووجد إن نمط تعلق هؤلاء المراهقين مع والديهم يرتبط بالإهمال والإساءة خاصة
الفصل الأول
بالتعلق غير الآمن في مرحلة المراهقة ، فالمراهقون ذوو التعلق غير الآمن أكثر ميلا إلى الاعتمادية والشك والحيرة وغير مقتنعين بعلاقاتهم وتفاعلهم مع الآخرين .