اهميه البحث :
ان ظاهره الصراع هي احدى حقائق العلاقات منذ فجر التاريخ ,وعالم اليوم يتميز بالمتغيرات السريعه التي اسفرت عن توترات شتى , تؤكد اتصافه بالكيانات الكبرى والمصالح المتباينه وعلى الرغم من التقدم الحضاري وثبات الدعائم والاسس التي تقوم عليها العلاقات فان العالم يتسم بتعدد الازمات التي يواجهها والناجمه عن اختلال توازنات القوى الكبرىوتزايد اطماعها مع سعي القوى الصغرى الى تحقيق مزيد من الاستقلال والنمو,مما يؤدي الى صراعات عنيفه وتحالفات متعددة التوجهات , وتمخض ذلك بازمات عالميه واقليميه ومحليه متعددة الوجوه وذات طبيعه زمانيه و مكانيه مركبه ومعقده (8,ص59).
لقد كان تفاعل العلاقات بين القوى والكيانات المختلفه وصراعاتها الخفيه والعلنيه بهدف نقل مراكز السيطره والهيمنه من العوامل التي ادت الى زيادة حدة الازمات , اذ بينما تعمل الدول المتقدمه على امتلاك عناصر القوه المختلفه والارتقاء بوسائلها الماديه فان الدول الناميه تختلف ازماتها بسبب افرازاتها المتناقضه الناتجه عن الحقب السابقه . فضلا عن طموحات الاستقلال والتنميه مما ينعكس عن السلوكيات الاجتماعيه(6ص87) , واذا كانت الدول المتقدمه تتعامل مع ازماتها بمناهج علميه فان الدول الناميه ترفض اتباع هذه الاساليب في مواجهة ازماتها لذلك تكون تلك الازمات اشد عمقا واقوى تاثيرا بسبب التفاعل الواضح بين عدم اتباع المناهج العلميه في التعامل مع الازمات وبين الجهل بهذه المناهج والتمسك بالاساليب العشوائيه والارتجاليه مما يعكس امكانية الدول وقدراتها الاداريه في مواجهة الازمات ضروره ملحه ليس لتحقيق نتائج ايجابيه في التعامل معها وانما لتجنب نتائجها المدمره.
وعلم الاداره الخاص بالازمات يعد من العلوم الانسانيه الحديثه المنشأ . واالتي اوضحت اهمية التغيرات العالميه التي اخلت بموازين القوى الاقليميه والعالميه واوجبت رصدها وتحليل حركتها واتجاهاتها .
لهذا يكون علم اداره الازمات علم مستقل , اذ يعمل على التكييف مع المتغيرات وتحريك الثوابت وقوى الفعل المختلفه ذات التأثير السياسي والاقتصادي والجتماعي وكذلك الثقافي حسب تعدد اسباب الازمات وتعدد صراعاتها وتنوعها , فقد تكون العوامل والمتغيرات ناجمه عن ازدياد الفوارق الاجتماعيه بين طبقات المجتمع او تكون عوامل سياسيه قوامها التفاخر الديني والقومي أو صراعات ثقافيه او قد يكون الصراع في مجتمع ما هو تباين قيمه ومبادئه والذي يؤدي الى تنافر فكري بين الفئات المختلفه او بين المؤسسات او الافراد (3ص135),
وبذلك تتضح معالم الصراع الداخلي وتاخذشكلا من اشكال المقاومه حينما تفتقد تسويته الاليات الملائمه والفعله فضلا عن القدره على تحقيق التوازن داخل المؤسست الحكوميه , مما يفقد الشرعيه ويشعر ابناء المجتمع بالتمزق وفقدان الهويه والاغتراب وبذلك تكون الازمه مرحله من مراحل الصراع التي تتسم به عمليلدات التفاعل الناشط اينما وجدت الحياة وفي اي صورة من صورها .
وفي الحقيقه حرص علم النفس على دراسة الاثار النفسيه المترتبه على الازمه , والتي قد تاخذ اشكالا متنوعه كالارتباك والصدمه والقلق والتوتر وعدم التوازن , وغالبا ماتسبب الازمه ارتباكا كبيرا للناس في حياتهم وفي اساليب تكيفهم مع الضغوط وعادة ماتثير مشاعر الخوف والصدمه .
وتستند نظرية الازمه الى عدة فرضيات تتمثل ب؛
- من الشائع ان يمر الناس بحاله من عدم التوازن والتفكك الاجتماعي مع وجود عوائق ضاغطه في غضون وقائع الازمه .
- يعد الضغط الموقفي الحاد خبرة حياة عاديه وليست جسيمه يمكن ان تطول في الغالب كثيرين وفي وقت واحد من حياتهم .
- أولئك الذين يمرون باضطرابات داخليه يثابرون على استعادة اتزانهم .(11ص200)
- اثناء الصراع لاستعادة الاتزان الداخلي يكون الانسان في حاله حاده من الضعف النفسي المحدودة الزمن .
- يمكن للازمات ان تنمو وتتطور كما يمكنها ان تنتج سلبيات الازمه . (13ص86)
وعلى ارغم من ان الازمات قد بدأت منذ بداية الخليقه الا ان ادارة الازمات لم تتبلور علما الا في النصف الثاني من القرن العشرين , وقد مرت دراسة الازمه بمرحلتين أنتهت الاولى بعد الحرب العالميه الثانيه وتركزت دراستها في السرد التاريخي للاحداث واستخلاص دروسها المستفاده , اما المرحله الثانيه فقد بدأت في ستينات القرن العشرين وتطورت فيها الدراسات حتى شملت المناهج وأدوات التحليل العلمي لكافة العلوم .
اما في المجال التربوي فإن الأزمة واقع حتمي تواجهه المدارس ، وسط التغييرات البيئية المتعددة و المتسارعة ، يهدد كيان المدرسة ، وقيمها ، وسلامة أفرادها ، و ممتلكاتها .يتوقف التعامل معها ،والقدرة على احتوائها ، والاستفادة منها كفرص للتعلم على أسلوب المديرين في إدارتها ، حيث يخضع بعض المديرين تعاملهم مع الأزمة للعشوائية ، وسياسة رد الفعل .مما قد يتسبب في إحداث خسائر بشرية ومادية تهدد بقاء المدرسة .
في حين يخضع بعض المديرين تعاملهم مع الأزمة للعمليات المنهجية العلمية السليمة لإدارة الأزمـة ، مما يسهم في منع الأزمات ، والحـد من آثارها السلبية .
وجدير بالذكر أنه على الرغم من تعدد وتباين الأزمات التي تتعرض لها المدرسة ، ولكل أزمة من الأزمات الخصائص المميزة لها التي تتطلب أسلوباً معيناً لإدارتها يتوافق مع طبيعتها ، إلا أن كل الأزمات تخضع لعمليات منهجية علمية مشتركة في إدارتها ، لتجنب وقوعها ، والتخفيف من نتائجها السلبية .
ويرجع تباين الازمات الى ان منها ما يتعلق بالكوارث البيئية كالحرائق ، والأمطار ، ومنها ما يتعلق بظروف العمل المادية غير الملائمة من تهوية وإضاءة ومنها ما يتعلق بالاختلافات في طبيعة وسمات وقيم ، وأهداف عناصر العملية التعليمية . ومنها ما يتعلق بسوء الفهم والشائعات والأساليب المستبدة للمدراء في التعامل .
لذا تمثل الأزمات التي تمر بها المدرسة نقطة حرجة ، وحاسمة في كيان المدرسة تختلط فيها الأسباب بالنتائج مما يفقد المديرين قدرتهم على التعامل معها ، واتخاذ القرار المناسب حيالها ، في ظل عدم التأكد ،وضيق الوقت ، ونقص المعلومات. الأمر الذي قد يؤدي إلى إعاقة المدرسة عن تحقيق أهدافها ، وإحداث الخسائر المادية والبشرية .
و المدرسة المعاصرة تواجه أنواعاً متعددةً من الأزمـات التي تختلف في أسبابها ومستويات حدتها ، وشدة تأثيراتها ، ودرجة تكرارها نتيجة التغيرات البيئية السريعة والمفاجئة لأسباب مختلفة سواء أكانت : اجتماعية أم اقتصادية أم تربوية أم تقنية أم بيئية الأمر الذي يشير إلى أن الأزمة تعد ظـاهرة حتمية ، لا يمكن تجنبها أو القضـاء عليها . (17ص204)
إلا أنه يمكن منع الأزمـة ، أو الحد من آثارها السلبية عن طريق إدارة الأزمات ، باستخدام عمليات منهجية علمية ، تحقق المناخ المناسب للتعامل مع الأزمات، والتحرك المنتظم للتدخل ، وتحقيق السيطرة الكاملة على موقف الأزمة . حيث أكدت الدراسات على أن إدارة الأزمات بفعالية ، يتطلب عمليات منهجية علمية سليمة مثل : التخطيط ، والتنظيم ، والتوجيه ، والمتابعة ، وتشكيل فرق لإدارة الأزمات ، والقيادة في الأزمات، ونظام الاتصال، ونظام المعلومات ، واتخاذ القرارات ، وتقويم الأزمات .
وانطلاقاً من الدور الفاعل لإدارة الأزمات بالمنهجية العلمية ، واستجابةً لاهتمام وزارة التربية والتعليم بموضوع الأزمات نتيجة لتزايدها و لاعتماد إدارة الأزمة على المدراء - باعتبارهم قاده لفرق الأزمات بالمدرسة ، جاء البحث الحالي ليزود المدراء بالمعارف الاساسيه ذات العلاقه بإدارة الأزمات سواء من ناحية التعرف عليها او اسبابها ومراحلها وطرق التعامل معها وكيفية ادارتها مع التركيز على الاسس العلميه المتطوره المتبعه حاليا في الدول المتقدمه .