لقد تعاظمت مخاطر الإرهاب بشكل ملفت خلال العقود الثلاثة الأخيرة، فبعدما كانت العمليات الإرهابية تتم وفق أساليب تقليدية وتخلف ضحايا وخسائر محدودة في الفئات والمنشآت المستهدفة, أصبحت تتم بطرق بالغة الدقة والتطور مستفيدة من التكنولوجيا الحديثة وأضحت تخلف خسائر جسيمة تكاد تعادل خسائر الحروب النظامية سواء في الأرواح أو الممتلكات والمنشآت...
فحتى وقت قريب كانت العمليات الإرهابية عادة ما تستهدف اختطاف الطائرات المدنية أو اختطاف الأفراد وأخذ الرهائن واحتجازهم (شخصيات بارزة، ديبلوماسيين وحتى أفراد عاديين) وكذا إلقاء القنابل وزرع المتفجرات التي لا تحتاج لمهارات، لكن مخاطرها الآن تصاعدت تبعا لتطور الوسائل المستخدمة والفئات والمنشآت المستهدفة، فقد أصبحت الجماعات الإرهابية تستغل كل ما من شأنه أن يمكنها من تنفيذ عملياتها ولو على حساب الأبرياء.
ومؤخراً ظهرت مظاهر جديدة لهذه العمليات الارهابية اخذت تتزايد بشكل مطرد وهو المرتبط بتدمير المعلومات من خلال شبكات الاتصال الدولية، فقد أصبح بإمكان جماعات أو أشخاص تحركهم دوافع سياسية وحتى شخصية, بل وبإمكان مراهقين تحركهم اندفاعيتهم وفضولهم وهم داخل غرفهم ومكاتبهم وأمام حواسيبهم, تدمير معلومات وبرامج ضخمة لكبريات الشركات والمؤسسات الوطنية والدولية البعيدة عنهم كل البعد, بعدما أصبح العالم عبارة عن قرية صغيرة بفعل تطور وسائل الاتصال وتدفق الأخبار من خلال الطريق السيار للمعلومات. مما ينتج عنه خسائر مالية وخدماتية كبيرة في ظرف زمني قصير, وهلع وخوف كبيرين في أوساط مالكي هذه البرامج والمؤسسات.
كما أن مخاطر استعمال الأسلحة الكيمياوية والبيولوجية من قبل الجماعات الارهابية وبوسائل مستحدثة أصبح يخيم على الساحة الدولية بشكل ملح وكبير خاصة وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي حيث طرح اكثر من سؤال حول مصير ترسانته النووية وقد زادت التخوفات بشأن هذه الترسانة بعدما أضحى من السهل حصول بعض الجماعات على هذه الأسلحة من الأسواق السوداء في ظل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي رافقت التحولات في روسيا عقب هذا الإنهيار وما صاحبها أيضا من أوضاع صعبة لفئة كبيرة من العلماء في هذا الشأن, بالشكل الذي قد يجعلهم لا يصمدون أمام الإغراءات المالية لهذه الجماعات مقابل تمكينهم من معلومات هامة بهذا الخصوص.
نسعى من خلال هذا البحث إلى تحقيق هدف أساسي يتمثل في بيان الآليات القانونية لمكافحة الارهاب من خلال تقسيمه الى مبحثين وذلك حسب الخطة التالية:
المبحث الاول/ الآليات القانونية الوطنية والدولية لمكافحة الارهاب
المبحث الثاني/ فعالية الآليات القانونية واثرها في مكافحة الارهاب