تسعى هذه الدراسة الى تحديد فكرة التجريد في قواعد التجريم والجزاء وبيان مدى الخصوصية التي يتمتع فيها في مجال التجريم والجزاء والتي تتمثل بكونه ليس مطلقا كما في القاعدة القانونية العامة وانما يكون مقيدا بقيود عدة، والتي ترجع الى طبيعة هذا القانون والوظائف الاساسية التي يؤديها في المجتمع وطبيعة الجزاءات التي يتضمنها والهدف منها والذي يتمثل في تحقيق الردع العام والردع الخاص والعدالة، كما وتوضح هذه الدراسة اهمية التجريد في قواعد التجريم والجزاء والمتمثلة في تحقيق العدل والمساواة بين الافراد كافة، وتحقيق اليقين القانوني الجنائي اضافة الى الوظائف العملية الهامة التي يؤديها التجريد سواء عند وضع القانون من قبل المشرع او عند تطبيقه .
وتبين هذه الدراسة اهم القيود التي ترد على التجريد في القاعدة الجزائية والتي تتمثل بالصياغة المرنة لهذه النصوص في عبارات مرنة ومطاطة يمكن للقاضي عند تطبيقها من شمول وقائع في النص العقابي، لكونها غير محددة المعالم والذي يتعارض مع خاصية التجريد في قواعد التجريم والجزاء والتي يشترط فيها ان يتم تحديد الافعال الجرمية وفقا لأنموذج جرمي مجرد يضعه المشرع والذي يشترط فيه ان يكون محددا ومنضبطا ومن الوضوح بحيث يعلم الافراد السلوك المحظور عليهم اتيانه وتحديد الحالات التي تكون فيها الصياغة المرنة لنصوص التجريم قيدا على التجريد في قواعد التجريم والجزاء والتي يكون الغرض منها جعل هذه القواعد اكثر عدالة ومواكبة للتغيرات المختلفة والحالات التي تعد فيها الصياغة المرنة وسيلة لتحقيق المصالح الخاصة .