ما من شك ان الارهاب يعُد من اكثر الجرائم رعباً في الوقت الراهن، وقد اتخذت الجرائم الارهابية مع الزمن منحى آخر حيث استثمر الارهابيون مستحدثات العلم الحديث وبدءوا باستحداث وسائل جديدة في اداء العمل الارهابي بدون عنف أو اراقة دماء، كما تم تجنيد العديد من العلماء والباحثين المارقين والمأجورين من قبل التنظيمات الارهابية او من قبل دول وذلك من اجل تنفيذ جرائمهم الارهابية.
ولقد تفاقمت مشكلة الإرهاب وتنوعت صوره ولعل أخطر تلك الانواع تمثل بالإرهاب البيولوجي أو الجرثومي وترجع خطورة مثل هذا النمط الارهابي، الى ان آثاره الضارة قد تكون كارثية، ولاسيما حينما ينصب العمل على إنتاج ميكروبات فائقة القدرة المرضية وذلك عن طريق البيولوجيا الجزئية أو التكنولوجيا الحيوية، فإنتاج الجمرة الخبيثة ( الانتراكس ) والكوليرا والطاعون وأسلحة بيولوجية فيروسية تنفذ تحت جنح الظلام وبتعبير آخر تنفذ في الخفاء فهي اسلحة صامتة أو كما توصف بــــــــــــ( الاسلحة التي لاتراق فيها الدماء ) ، وينجم عنها فزع ورعب للمواطنين الابرياء في أنحاء متفرقة من العالم وبذلك فهي تهدد السلم والأمن المجتمعي وتعرضهما للخطر ومن اجل ذلك تعالت الاصوات الدولية المنادية بضرورة العمل للتصدى لهذه الجريمة ومكافحتها .
وتكمن اشكالية البحث في ان التنظيمات الارهابية استغلت التطور العلمي في عالمنا الراهن (قرن التقنية الحيوية) ولا سيما ان الاسلحة البيولوجية تكلفتها اقل من تكلفة الاسلحة التقليدية كما ان إمكانية وسهولة استخدامها حفز المجاميع الارهابية على حيازتها واستخدامها لاحداث الذعر وزعزمة الامن والاستقرار المجتمعي وذلك لغرض تحقيق مآرب سياسية وفكرية ودينية في ظل انتشار فوضى التسلح .
فهنالك صعوبة تواجه المجتمع الدولي بمراقبة انتاج الاسلحة الصامتة المجهرية والتي تعد اداة لإرتكاب الجريمة الارهابية (البيولوجية) .
واهمية البحث تكمن في ان جريمة الارهاب البيولوجي تهدد الاشخاص الطبيعيين والمعنويين على حد السواء، كما انها تهدد الامن القومي للمجتمعات وذلك بسبب الخصائص التي يتسم بها هذا النوع من الأخطار، مما دفع المجتمع الدولي الى عقد المؤتمرات وإبرام الاتفاقيات والمعاهدات الثنائية والجماعية لمواجهة الارهاب الذي تخطى الحدود الوطنية والاقليمية فأصبح جريمة بلا وطن ولا دين ولا هوية .
إن موضوع البحث، ينصب على تسليط الضوء على (موقف القانون الدولي والقوانين الوطنية من الارهاب البيولوجي)، فيهتم بإيجاد الإجابة عن العديد من التساؤلات ذات العلاقة بموضوع البحث؛ منها : ما المقصود بجريمة الإرهاب البيولوجي ؟ وما هي صورها ؟ وماهي السبل القانونية الدولية والداخلية للحد من تنامى هذه الظاهرة ؟
وتم الارتكاز، في بحثنا هذا، على المنهج النظري : حيث يقوم هذا المنهج على اساس رد الفروع الى أصولها والإشارة المستمرة الى تحديد مدلول المفاهيم ذات العلاقة بالبحث ليتم ادراجها في خضم الافكار القانونية الخاصة بالبحث . وكذلك الاخذ بالمنهج التحليلي: والذي يقوم على اساس تحليل النصوص القانونية والآراء وصولاً الى الوسائل الكفيلة للحد من استخدام الاسلحة البيولوجية في تكدير السلم والأمن العام وبث الرعب في نفوس البشر.