في ظل احكام القوانين الجنائية القديمة كانت المسؤولية الجزائية جماعية فاذا ما ارتكب شخص من قبيلة جريمة قتل وكان المجني عليه ينتمي الى قبيلة اخرى, يهدر دمه باعتباره قاتلاً ويكون كل شخص من قبيلته مسؤول شخصياً عن هذه الجريمة ولو لم يساهم فيها او لم يعلم بارتكابها. الا ان الاصوات المنادية بتحقيق الخير والعدل ارتفعت عالياً مطالبة بفرض العقوبة على شخص يكون على علاقة بالجريمة. وكان للثورة الفرنسية وقادتها الفضل في ارساء مبدأ شخصية العقوبة والمسؤولية في قوانين العقوبات المعاصرة ولم يقتصر هذا المفهوم على نهوض المسؤولية الجزائية قبل من يضطلع بدور ما في ارتكاب الجريمة وانما لابد ان يعاقب الشخص بالقدر الذي ساهم فيه بارتكاب السلوك الجرمي وفي بحثنا هذا يحيط الشك بأن فعلاً معيناً من بين افعال قد حقق النتيجة الجرمية الامر الذي لا يمكن معه اسناد الجريمة اليه, ولكن الثابت كل من الجناة قد صدر منهم نشاط اجرامي. فصدور هذا النشاط هو القدر المتيقن بحق كل واحد منهم. ولذا فأنه يجب ان يقضي عليه بالعقوبة التي تتناسب مع ما تيقن صدوره منه من افعال. واذا تعذر توقيع العقوبة على من حقق بفعله النتيجة الجرمية لعدم معرفته. فلا اقل من توقيع العقوبة على جميع المتهمين اخذاً بالقدر المتيقن في افعالهم وهي عقوبة اقل من العقوبة التي ستوقع على الفاعل لو كان معلوم. اذ لو عوقب الجميع بعقوبة الفاعل لحل الظلم بالمتهمين الذين لم تساهم افعالهم بالجريمة ولو أفلت الجميع من العقوبة لحل الظلم بالمجتمع باسره.