على الرغم من اختلاف الفساد من مكان إلى آخر بصوره وأشكاله وحجم انتشاره وأثره على مختلف نواحي الحياة، يعتبر من أهم أسباب الضعف الداخلي والخارجي للدول. فالفساد في جوهره حالة تفكك تعتري المجتمع نتيجة فقدانه لسيادة القيم الجوهرية، ولعدم احترام القانون، وعدم تكريس مفهوم المواطنة، وغياب ثقافة حقوق الإنسان واحترامها بشكل طبيعي وتلقائي.
ومن هنا تبرز الحاجة إلى جعل مشكلة الفساد وتفشيه في المجتمع أولوية رئيسة من أولويات الدولة، فآثاره المدمرة على النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية تهدد قوتها ومكانتها على الصعيدين الداخلي والدولي.
لذا وجب عليها العمل على تعزيز قيمتي الشفافية والمساءلة في تشريعاتها وإستراتيجية عمل مؤسساتها قصد نشر ثقافة مكافحة الفساد ومحاصرته وترسيخ قيم النزاهة ما بين مختلف شرائح المجتمع.
وتقوم مكافحة الفساد على أسس ومبادئ رئيسة ثلاث هي: النزاهة والشفافية والمسائلة، ولتحري هذه الأسس في ظل دستور جمهورية العراق 2005، كان لابد أولا من توضيح ماهية الفساد وذلك ببيان مفهومه وأنواعه ومظاهره والوقوف على أسباب انتشاره والآثار الخطيرة المترتبة عليه ، ثم التعرض الى قيم ومبادئ مكافحة الفساد وآليات تحققها في ظل الدستور اعلاه وهو محور بحثنا الموسوم ب" التنظيم الدستوري والقانوني لأسس مكافحة الفساد في ظل دستور جمهورية العراق لسنة 2005 ".