اذا تم العقد بين الاستشاري وعميله مستكملا لأركانه وشروطه، افاد حكمه، أي الزم طرفيه بالتزامات معينة تجسد هذا الحكم ولا سبيل للتنصل من هذه الالتزامات او تعديلها الا اذا اتفق الطرفان على ذلك، فللعقد قوته الملزمة للطرفين التي تتجسد في جزاء الاخلال به ( المسؤولية العقدية )، وحيث ان القواعد العامة للمسؤولية العقدية ليست من النظام العام، يجوز عندئذ الاتفاق على تعديلها في حدود النظام العام والاداب1. لذلك وللتخلص من المسؤولية التي تهددهم ازاء اخطائهم قد يعمد الخبراء الاستشاريون الى تعديل احكام المسؤولية المدنية التي يمكن ان تنجم عن اعمالهم ويتخذ هذا التعديل صور عدة اهمها الاتفاق مع المضرور على تحمله الضرر الذي يلحقه كلا او جزءا، فيفقد تبعا لهذا حقه كلا او جزءا بالتعويض، كما قد يعمدون الى تشديد مسؤوليتهم او بالاتفاق مع شخص اخر على تحمل عبئها بدلا عنهم بدفع التعويض المستحق عن الضرر، الامر الذي يقتضي البحث في مشروعية مثل هذه الاتفاقات في حال تضمينها للعقد المبرم مع الخبير الاستشاري.
سوف يكون منهجنا في هذه الدراسة هو اتباع اسلوب الدراسة القانونية المقارنة بين القانون العراقي والقانون الفرنسي والقانون المصري ، كما سنقوم بتحليل النصوص القانونية والآراء الفقهية التي نعرض لها كلما تطلب الامر من اجل بيان الملاحظات عليها وتسليط الضوء على مكامن القوة ونقاط الضعف والمعالجات التي ينبغي الاخذ بها، وذلك في ضوء ما تسفر عنه معطيات البحث والمقارنة.
سنتناول في بحثنا هذا اتفاقات تعديل احكام المسؤولية المدنية للخبير الاستشاري تشديدا او اعفاءا او تخفيفيا، في المطلب الاول ، اما التامين من المسؤولية المدنية للخبير الاستشاري، فسنبحثه في المطلب الثاني.