سعى المجتمع الدولي إلى صياغة قواعد قانونية مرجعية في معاملة الأحداث الجانحين ولا سيما في الجانب الإجرائي الذي يعد الأداة القانونية لإثبات أو نفي التهمة عن المتهم كقاعدة عامة في حين دور تلك القواعد الإجرائية في مجال قضاء الأحداث يتصف بالخصوصية لكون تلك القواعد يتم التعامل معها ليست بكونها قواعد قانونية فحسب بل يطغى عليها الجانب الإجتماعي أيضاً فتكون وسيلة للإصلاح فتمارس دورها بالكشف عن الظروف التي كانت وراء ارتكاب الحدث الفعل المخالف للقانون من جهة وإيجاد الحلول لمواجهتها من جهة ثانية .
كما أنه لا نجد مثيل لدور لتلك القواعد في القضاء العادي الذي يتم محاكمة البالغين أمامه, وأنطلاقاً من تلك الخصوصية عملت الأسرة الدولية ممثلة بالأمم المتحدة وأجهزتها على مجموعة من القواعد والمبادىء والإتفاقيات التي تعني بحماية ورعاية فئة الأحداث الجانحين والتي كانت حصيلة جهود أستمرت لسنوات عديدة من مؤتمرات وندوات , بعضها تناول
بنصوصها شؤون الأحداث بصورة خاصة, والبعض الآخر تناول حماية حقوق الانسان بصورة عامة منبين نصوصها خصصتها لحماية حقوق الأحداث, وهكذا كانت تلك النصوص القانونية التي ترجمت بشكل مواثيق دولية حصيلة تجارب الأمم والشعوب والدول المختلفة, فكانت بذلك الأساس القانوني الدولي الذي يمكن الرجوع إليه في كل مايخص قضاء الأحداث في مختلف الدول, فوفرت هذه المبادىء والإتفاقيات خطوط عريضة وقواعد قانونية عامة, تحدد الأساس الذي يمكن ان تبنى عليه أطر لسياسات القانونية والاجتماعية قابلة للتطوير .
وإن هذه المواثيق الدولية تهدف بالدرجة الأولى إلى ضمان حماية حقوق ورفاه جميع الأحداث الذين يدخلون بنزاع مع القانون , والقضاء على الظروف التي تؤثر على النمو السليم للطفل, وذلك كله من أجل تحقيق عملية معالجة وإصلاح الأحداث ودمجهم من جديد بمجتمعاتهم.
وأن هذا الأساس القانوني لتلك الإجراءات لم يقتصر على الجانب الدولي وأنما شمل الأساس القانوني الجانب الوطني المتمثل بــ( دساتير الدول وتشريعاتها العادية) سواءً وردت في نصوص القوانين العامة أو الخاصة, وأن هذاالأساس القانوني للإجراءات الأصلاحية يمثل (الشرعية الإجرائية القانونية) ([i]) لتلك القواعد المعمول بها في قضاء الأحداث.
(1) يقصد بالشرعية الاجرائية : ان يكون القانون هو المصدر التنظيمي الإجرائي وأساس كل قاعدة تسمح بالمساس بالحرية, وأن تفترض براءة المتهم في كل أجراء من الإجراءات التي تتخذ قبله.