Preferred Language
Articles
/
jols-138
معيار إثبات المقومات المعنوية للجريمة
...Show More Authors

يتطلب قيام البنيان القانوني للجريمة إضافة إلى الجانب المادي جانباً شخصياً بأن يكون سلوك الجاني وليد إرادة واعية حرة قادرة على التمييز والاختيار تسلك بصاحبها مسلكاً خاطئا يبرر توجيه اللوم القانوني إليه.

        فأهم ما يتميز به القانون الجنائي في مواجهة فروع القانون الأخرى بأنه أكثر منها اهتماماً بأشخاص المخاطبين بإحكامه , فما يهدف إليه من عدالة وتأهيل اجتماعي وردع خاص وعام يستوجب أن توجه إحكامه إلى الجاني قبل الجريمة , أو إلى الفاعل قبل الفعل , ومن ثم لا غرابة أن تنفرد المسؤولية الجنائية بذاتية تميزها عن الصور الأخرى من المسؤولية التي تقررها الفروع القانونية الأخرى , فهي لا تترتب بطريقة تلقائية على اثر تحقق المخالفة المادية لقاعدة السلوك التي يتضمنها نص التجريم , وإنما تستلزم فضلا عن ذلك أن يحدث انعكاس لماديات الجريمة في نفس الجاني مما يجعل مسلكه مبرراً لتوجيه اللوم إليه , حيث كانت إمامه فرصة معقولة لتفادي مخالفة قاعدة السلوك , ولكنه رغم ذلك خالفها إما متعمداً مبدئاً بذلك عداء صريحاً تجاه القيمة الاجتماعية محل الحماية الجنائية , وإما غير متعمد ولكن على نحو يتكشف معه استخفافه بالقيمة محل الحماية ويظهر ذلك بعدم اتخاذه مسلكاً أكثر حيطة وحذر مما سلكه على الرغم من انه كان بإمكانه اتخاذ ذلك .

ونتساءل هنا عن المعيار الذي يمكن اعتماده في إثبات توافر هذا الجانب الشخصي أو المعنوي لدى المتهم , فهل هو معيار شخصي يبحث لديه مدى توافر المسلك النفسي واقعياً لا افتراضاً , ويحدد نطاق مسؤوليته تبعاً لكثافته الفعلية , أم هو معيار موضوعي مجرد يفترض توافره ويحدد مسؤوليته تبعاً للنتائج العرضية التي قد تنجم عن فعله وفي البحث عن الإجابة على  هذا السؤال وما يتعلق به يتحدد نطاق البحث.

Crossref
View Publication Preview PDF
Quick Preview PDF