ان حق مخاطبة السلطات العامة عن طريق العرائض والشكاوى يعد احد الوسائل الفردية للمشاركة في الشؤون العامة المقررة للافراد، وذلك لما تتضمنه هذه العرائض من مسائل مهمة للفرد والمجتمع والسلطات العامة على حد سواء، كما ان حق مخاطبة السلطات العامة يمنح المواطن دورا ايجابيا ومهما في الحياة العامة لانه يتيح له الاتصال بالسلطات بشكل مباشر وتقديم مقترحاته وتظلماته، كما ان حق مخاطبة السلطات العامة يعد ضامنا حقيقيا للحقوق والحريات العامة وحمايتها من الانتهاك من قبل اي طرف بما يحقق المزيد من الاستقرار في المجتمع ويعزز روح المواطنة والانتماء بين افراده.
وبهذا الصدد نلاحظ ان العديد من الدساتير في مختلف دول العالم تؤكد على هذا الحق وتنص عليه في صلب الوثيقة الدستورية، اضافة الى تنظيمه بواسطة القوانين العادية المكملة للتنظيم الدستوري، وتمنح المواطنين حق مخاطبة السلطات العامة بشكل فردي او جماعي، وسواء تعلق موضوع العريضة بامور شخصية او عامة.
ويلقي البحث الضوء على ما هو موقف دستور جمهورية العراق لعام 2005، من حق مخاطبة السلطات العامة وهل يتضمن الدستور نصوصا يمكن ان تشكل اساسا دستوريا لممارسة هذا الحق؟ وهل ان تنظيم هذا الحق بواسطة القوانين العادية يكفل ممارسته من قبل الافراد وعدم فرض اي قيود تحد او تضيق من ذلك؟ وذلك بالمقارنة مع كل من الدستور الفرنسي لعام ١٩٥٨ المعدل والدستور اللبناني لعام ١٩٢٦ المعدل.