إن موضوع التعويض عن الضرر المعنوي من الموضوعات التي مازالت في حاجة كبيرة إلى دراسة متعمقة، من أجل التوصل إلى آلية التعامل مع الأضرار المعنوية، والسبب في ذلك هو صعوبة تقدير مدى الآثار الناتجة عن الأضرار المعنوية ومن ثم تقييمها ماديا، إذ إن ذلك يعتمد بشكل كبير على المعايير الشخصية أكثر من الموضوعية، مما ينتج عنه إشكالية في الواقع العملي، تتمثل في عدم القدرة على تعويض الضرر المعنوي. فالإشكالية هنا ليست في رفض السلطات القضائية الحكم بالتعويض عن الضرر المعنوي، بل في عدم وجود معايير واضحة لتقدير قيمة التعويض عن الضرر المعنوي، ومن ثم الحكم به.
ومن أجل الوصول إلى مفهوم متعمق لمعايير التعويض عن الضرر المعنوي، فإن هذه الدراسة استخدمت المنهج المقارن وكذلك المنهج الوصفي التحليلي، مما ساعد الباحث في القيام بشرح وتفصيل وتحديد معايير التعويض عن الضرر المعنوي في عدد من الدول، مقسمة إلى ثلاث مجموعات: الأولى، أمريكا وبريطانيا، الثانية الدول الأوروبية، الثالثة المملكة العربية السعودية. وقد توصلت الدراسة إلى العديد من النتائج، أبرزها هي: إمكانية ثبوت الحق في التعويض عن الضرر المعنوي على وفق القوانين والأنظمة في هذه الدول التي قسمناها إلى ثلاث مجموعات. وتوصي الدراسة بأهمية تحديد معايير واضحة لتقدير التعويض عن الضرر المعنوي، فكلما زاد الاعتماد على معايير موضوعية واضحة في تقدير التعويض عن الضرر المعنوي، زادت قوة السند القانوني لهذا التعويض، مما يحقق الهدف المراد وهو الوصول إلى مرحلة الاعتراف بحق الأفراد في التعويض عن الضرر المعنوي.