تعد المحاسبة بشكل عام علماً لكنها ليست من العلوم الصرفة وإنما من العلوم الإجتماعية مما يتطلب للتعامل مع المواضيع المحاسبية الأخذ بنظر الاعتبار الأشخاص المعنيين بالموضوع سواء كانوا المعدين للمخرجات المحاسبية أي المحاسبين، أو الاطراف ذوي المصالح المعنيين والمستفيدين من هذه المخرجات أي المستخدمين، ويعد المحاسب جزءاً من العملية الاجرائية نفسها وبهذا يكون دوره مزدوجاً يجمع بين كونه القائم بالبحث والقياس وبين كونه القائم بالتقييم والتفسير، والنقطة المهمة تكمن في الجانب الميداني وإمكانية التعبير عن البعد الأخلاقي كمحتوى ميداني قابل للتطبيق.
ويعد علم الأخلاق جزءاً من علم الفلسفة إذ يتناول الإطار العام لهذا العلم ما يصدر عن الانسان من تصرفات سواء كانت ارادية أو لا ارادية ويمكن الاحتياط لها، وبالتالي يؤدي إلى تشذيب سلوك بني البشر عند رغبتهم في الانتقال إلى ما هو أفضل، ويتمثل الجانب الادق لهذا العلم في تركيزه على صراع القيم في المجتمع ومحاولته تأطير معايير السلوك الأخلاقية لزمان ومكان محددين وبما يخدم المتطلبات المتغيرة للمجتمع. ويتجسد تأطير أو تقنين معايير السلوك الأخلاقية بإصدار قوانين أو تعليمات أو قواعد ويختلف ذلك من بلد إلى آخر حسب الجهة المتبنية لاصدارها، وفي مجال المحاسبة الادارية بوجه خاص أصدر معهد المحاسبين الاداريين في الولايات المتحدة (IMA)[1] معاييراً للسلوك الأخلاقي للمحاسبين الاداريين وتعد تأطيراً لالتزام المحاسبين الكلفويين والاداريين تجاه الوحدة الإقتصادية التي يعملون فيها وتجاه مهنتهم والجمهور وأنفسهم ويعد الالتزام بها مكملاً لإنجاز أهداف المحاسبة الادارية.
وفي ظل التطور الحاصل في الوحدات الإقتصادية وما واكبه من تطور في أساليب معالجة البيانات والمعلومات وتطور أساليب المحاسبة الادارية بشكل خاص، ومسألة تحديد تلك الأساليب التي تخدم الوحدة الإقتصادية وتوفر تقييماً شاملاً لأعمالها تبرز أهمية الربط بين قواعد السلوك الأخلاقي التي تحكم عمل المحاسب الاداري وبين تحسين امكاناته وتطويرها لتوفير المعلومات المطلوبة للمستخدمين مع تحقيق رضا الموظفين في وحدة اقتصادية معينة.
([1]) تأسس سنة 1919 بإسم National Association of Cost Accountants (NACA) واختصر الى National Association of Accountants (NAA) وتحولت تسميته الى IMA سنة 1991-1992.