تتمحور هذه الدراسة حول تحليل حدود تأثير الحرب الروسية–الأوكرانية على بنية حلف شمال الأطلسي (الناتو) وسياسات دوله، في ظل طول أمد الصراع منذ فبراير 2022 وما صاحبه من متغيرات استراتيجية، أبرزها مواقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة. تنطلق إشكالية البحث من تساؤل رئيس: ما مدى تأثير الحرب الروسية–الأوكرانية في إعادة تشكيل السياسات الأمنية والدفاعية لدول حلف شمال الأطلسي، وكيف انعكس التحول في الإدارة الأمريكية —وخاصة عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة— على مستقبل الحلف ودعمه المستمر لأوكرانيا؟
اعتمدت الدراسة منهجين متكاملين؛ الوصفي التحليلي لجمع البيانات وتنظيمها في سياق يخدم أهداف البحث، والمنهج المؤسسي لرصد وتحليل ديناميكيات الناتو باعتباره منظمة دولية ذات طبيعة خاصة يمكن أن تتأثر بالحرب وتؤثر في مجرياتها. وقد تناولت الدراسة بإيجاز خلفيات الصراع وأسبابه وتطوراته، ثم ركزت على انعكاساته على دول الحلف ومستقبله، مع تحليل كيفية تفاعل السياسات الأمريكية —من إدارة بايدن إلى إدارة ترامب— مع هذه الأزمة.
وتخلص النتائج إلى أن الدعم الغربي بقيادة الناتو مكّن أوكرانيا من الصمود أمام روسيا خلال السنوات الثلاث الأولى من الحرب، غير أن تغير الإدارة الأمريكية في يناير 2025 أظهر بوادر تباين في الرؤى بين واشنطن وشركائها الأوروبيين. وتشير هذه التحولات إلى احتمال تراجع الدعم الأميركي لأوكرانيا مستقبلاً، بما قد ينعكس سلبا على وحدة الحلف وقدرته على مواجهة التهديدات الأمنية الجديدة.