تُناقش هذهِ الدِراسة صعود اليمين المتطرف في أوربا الغربية خلال العقود الأخيرة صعوداً لافتاً لتيارات اليمين المتطرف، التي استطاعت أن تنتقل من هامش الحياة السياسية إلى مراكز صنع القرار أو التأثير الفعلي في السياسات العامة. وتُناقش هذهِ الدِراسة إشكالية هذا الصعود من خلال طرح تساؤلات محورية حول الأسباب البنيوية والظرفية التي أدت إليه، فضلًا عن تحليل أبرز النتائج السياسية والاجتماعية التي خلّفها، ومدى ما يشكله من تهديد لقيم الديمقراطية والتعددية التي قامت عليها التجربة الأوربية الحديثة.
ينطلق البحث من محاولة لفهم الظاهرة في أبعادها النظرية والعملية، مع التركيز على السياقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أسهمت في تنامي حضور هذا التيار، لا سيما في ظل تصاعد الأزمات الاقتصادية، وموجات الهجرة، وتراجع الثقة في الأحزاب التقليدية. كما يبحث في كيفية توظيف اليمين المتطرف لهذه المتغيرات لتقديم نفسه كبديل سياسي قادر على "استعادة السيادة الوطنية" والتصدي لما يُعدّه تهديدًا للهوية الأوربية.
ولتحقيق أهداف الدراسة، تم اعتماد منهجين متكاملين: المنهج الوصفي التحليلي، الذي يساعد في تحديد ماهية اليمين المتطرف ورصد العوامل المؤثرة في صعوده؛ والمنهج المقارن، الذي يُستعمل لدراسة حالات مختارة في دول مثل فرنسا وألمانيا والنمسا وهولندا، بهدف الكشف عن أوجه التشابه والاختلاف في هذه التجارب، وتحليل النتائج السياسية والاجتماعية المترتبة عليها.
يسعى البحث في مجمله إلى تقديم فهم متوازن ومعمق لهذه الظاهرة، في سياق أوربي يشهد تقلبات سياسية قد تعيد تشكيل مستقبل الديمقراطيات الغربية.