تُعد الهوية عاملًا حاسماً في تشكيل توجهات الدول على مستويات متعددة؛ فهي تحدد دورها في شؤونها الداخلية، وترسم مسار سياستها الخارجية، وتُرسي أولويات قد تصبح أرضية للتعاون أو للتباين بين الدول. يركز هذا البحث على الصين والهند، وهما دولتان قامتا على هويتين متمايزتين تنطلق كل منهما من أسس فكرية واتجاهات أيديولوجية مختلفة.
يتناول البحث دور الهوية ومفهومها وتعريفاتها، منطلقًا من سؤال بحثي مركزي: هل أثرت الهوية الوطنية لكل من الصين والهند في التنافس بين الدولتين ودفعتهما نحو الصراع؟ وللإجابة عن هذا السؤال، يطرح البحث فرضية تعكس وجود علاقة مباشرة بين الهوية والصراع، مفادها: كلما ازدادت مكونات الهوية المادية والمعنوية التي تميل إلى التوسع والزعامة الإقليمية، أصبحت السياسات الخارجية للدولتين أكثر طابعًا تنافسيًا.
اعتمدت الدراسة مناهج استقرائية ومقارنة وبنائية لتحليل الهوية. وتخلص إلى أن الهويتين الوطنيتين المتميزتين لكل من الصين والهند قد أسهمتا في تعزيز سياساتهما الخارجية التنافسية، مما غذّى حالة التنافس والصراع المحتمل بينهما، بالرغم من المصالح الاقتصادية المتبادلة التي تدفع باتجاه التعاون.