تتناول هذه الدراسةُ "الفهمِ المقاصديِّ للسُّنةِ النبويّةِ"، للتعريفِ بهذا المنهجِ الاجتهادي ومدى أخذِ العلماءِ به قديماً وحديثاً في العمليةِ الاجتهاديةِ عامّةً وفي التعاملِ مع السُّنة خاصّةً. ونعني "بالفهمِ المقاصديِّ للسُّنةِ" تفسيرَها وفهمَها واستنباطَ الأحكامِ منها وإلحاقَ المستجداتِ بها على وَفقَ حِكَمِ الشريعةِ ومَراميها وغاياتِها وأهدافِها العامّةِ والخاصّةِ، بالإضافة إلى ظاهر النص فيها. وبهذا تُفهم النُّصوصُ الشرعيةُ والسُّنةُ على وجهِ الخُصوص، في إطار تلك المقاصدِ التي يَدلُّ عليها استقراءُ الشريعةِ وأساليبُ اللغةِ وسياقاتُ الخطاب وسائرُ القرائنِ، بدلاً من الجمودِ على ظواهرِ النُّصوصِ. وتهدِفُ الدراسةُ إلى تبيينِ أهميّةِ هذا المنهجِ كمَسلَكٍ لفهمِ الحديثِ النبويِّ الشريفِ فَهماً شاملاً مُعمقاً يَتَّسِقُ مع مرادِ الشارع الحكيم، ويُعينُ على تصويبِ استنباطِ الأحكامِ الشرعيةِ، ويُساعدُ في التَّرجيحِ بينِ النصوصِ التي فيها تَعارضٌ ظاهريٌ، وأثرِ هذا المنهجِ في تَقليلِ الخلافِ الفقهيِّ وتوحيدِ الأُمّة. وقد تمَّ استخدامُ مَنهجِ التّحليلِ الوصفيِّ الاستقرائيِّ، فضلاً عن المَنهجِ المُقارَنِ. كما تمَّ تَتبُّعُ البحوثِ المَنشورةِ بهذا الخصوصِ للإفادةِ بها والبناءِ على ما توصَّلت إليه. وقد افترضَت الدراسةُ أن الفهمَ المقاصديَّ للسُّنةِ، يُصوِّبُ فهمَ النُّصوصِ واستنباطَ الأحكامِ منها، فضلاً عن دَورِها في التَّرجيحِ عندَ التَّعارضِ، وفي تَقليلِ الخِلافِ الفقهيِّ بينَ العُلماء. وقد خَلُصَت الدراسةُ إلى صحة هذه الفرضية، مما يُظهرُ سِعةَ الشريعةِ ومرونتها لاستيعابِ المُستجدّاتِ، ومما يُسهم في توحيد الأُمّة وردم الهُوَّةَ بينَ العلماء.