إتّسمت بلاد المغرب العربي بمجموعة من الخصائص الإقتصادية والجغرافية والسياسية، التي أهّلتّها ورفعت من شأنها، حتى جعلتها محط أطماع القوى العظمى – كالإمبراطورية الرومانية -التي سعت للسيطرة عليها، والهيمنة على بلدان حوض البحر المتوسط إبّان العصور الكلاسيكية.
لذلك أخذ الرومان على عاتقهم ، خوض غمار الحروب البونية الضروس التي كلفتهم الكثير من الخسائر، الى أن تحقق لهم النصر بالإستيلاء على العاصمة قرطاجة عام 146 ق.م ، فتحوّلت بلاد المغرب العربي الى ولاية (مستعمرة) تابعة للحكم الروماني ، لتنفيذ مشاريعهم الستراتيجية في الإستيطان والإستثمار، بالإفادة من خيرات البلاد في الإستحواذ على حبوب القمح ، وزيت الزيتون ، وثِمار الكروم والتين والرُمان ، فضلاً عن المحاصيل الحيوانية والمعدنية، من خلال السيطرة على الأراضي الحيوية، وتمليكها للأثرياء الوافدين من الرومان، فضلاً عن إبعاد وتشغيل العناصر التي تُثير قلق السلطة الرومانية ، عِبْرَ تشجيعهم على الهجرة والإستيطان في بلاد المغرب، ما ترتب على هذا الأمر من آثار مُريبة في خلّخلة الوضع الديموغرافي للسكان ، بإستتباب العنصر الروماني وإنتشار ثقافتهم وعاداتهم ، محل الأصول والثقافة والعادات البونيقية المحلّية .