الخلاصة
يجمع المختصون أن ليس من نقد إلا وكان مُرحِّلا لنظرية لسانية إلى فضائه، فكان أثر اللسانيات السوسيرية، ومن ثم اللسانيات التوليدية التحويلية معروفا، ولم يكن هذا الأثر محدودا باللسانيين أو نقاد الأدب فحسب، بل امتد إلى الشعراء والجماليين أيضا. وفي هذا البحث سنتوقف عند أثر اللسانيات الوظيفية، وهو ما لم يتوقف عنده إلا قلة من المختصين. ولن نقف عند نقد الوظيفيين للشعر، بل سنقف عند نقدهم للرواية، بقراءة ما قدمه (روجر فاولر). وتأتي أهمية هذا البحث من كونه يسلط الضوء على درس نقدي لم يحظ بالشهرة في ثقافتنا العربية، ولم يقف عنده أحد من الدارسين نقدا أو تبنيا، بالرغم من أنه يقدّم حلا مناسبا للخلط السائد في الكثير من الدراسات الأكاديمية أو النقدية بين الفني والموضوعي (البينوي/ السيميائي).
لقد انشغل النقاد المعاصرون بعرض وتطبيق منهج (جيرار جينيت) ومن بعد منهج (غريماس ومدرسته) وأصبحا موضة نقدية متحكمة بمجريات النظر النقدي العربي.. وما نسعى إليه، بعرضنا لنظرية روجر فاولر ونقدنا لها، الانفتاح بدرسنا النقدي نحو ضفاف مختلة قد تثري بحثنا وتدعم نقدنا للنظريات المتداولة، مولدة وجهة نظر تركيبية بالمنجز النقدي، وتحليلية غنية في التعامل مع النص الإبداعي.
وخلصنا إلى القول: إن مساحة النقد اللساني، برغم سعتها المطروحة في أفكار فاولر، إلا أنها مساحة قادرة على منحنا منهجا يمكن له أن يتجاوز الأحادية التي عرفتها العديد من المناهج السائدة، مثل: منهج جينيت، وتأكيده الجانب الفني، ومنهج غريماس، وتأكيده الجانب الثيماتي. والأحادية الأعمق التي عرفتها الدراسات الأسلوبية في بعديها المحلي (العربي) والعالمي. إذ جرى التأكيد على لغة النص وشكله، واستبعد المحتوى. ومن جانب آخر نراه منهجا أكثر مرونة من مناهج تحليل الخطاب التي جرى التسويق لها بقوة مؤخرا. ثم إن مجالنا النقدي بحاجة إلى أن يتسع برؤاه، في الوقوف عند مختلف الاتجاهات النقدية، والتفاعل مع هذا الاتجاه يمكن له أن يكون خصبا معطاءً. لكن من جانب آخر فإن هذا المنهج بسعته المطروحة يمكن أن يكون تلفيقيا مخلا إذا أسيىء تطبيقه، فليس من الممكن اعتماده من قبل الدارس ما لم يكن ملما، إلى حد ما باللسانيات الوظيفية، لكي يحافظ على قاعدة ارتكازه ولا يضيع بين مدارس كان لها أثرها في تشكل نقد فاولر.