ان هذا البحث الموسوم ب( المفهوم الديني للمعابد في بلاد الرافدين ) يعالج موضوع المعبد كأحدأشكال العمارة المرتبط أساسا بالمعتقدات الدينية.في حضارة بلاد الرافدين . على الرغم من قلة المعلومات عن أصول المعابد وظهورها الا أن ملامح المعتقدات الدينية بالدفن ظهرت في كهف شانيدر على جثث إنسان نياندرتال، ومع ترك الأنسان للكهوف واستقراره في القرى الموسمية ثم القرى الدائمية بعد توصله الى معرفة الزراعة. أذ أخذت بوادر الفكر الديني تتبلور شيئا فشيئا تحت تأثير مجموعة من العوامل منها الطبيعية والاقتصادية فضلاً عن العامل الديني الذي يعدّ من أهم العوامل تأثيراً في تغير نمط الحياة ومعها تطورت أماكن السكنى حتى انفصلت البيوت السكنية عن أماكن العبادة .

 ان أقدم أدلة على ظهور المعابد في بلاد الرافدين جاءت من كوبكلي تبة في أعالي بلاد الرافدين من العصر الحجري الحديث قبل الفخار، بعد أكتشاف مجموعة من المباني غير واضحة المعالم تعتريها الغموض في الوظائف الدينية. ومع تطور الأعمال الأركيولوجية-(الأثارية) عثر المنقبون على بقايا لأبنية ذات طرز بدائية في مناطق مختلفة من بلاد الرافدين كما في تل الصوان، رغم صعوبة تشخيص وتحديد معالمها المعمارية فقد فسرها الآثاريون بأنها أبنية طقوسية.

 ومع بداية العصور التأريخية أي بعد أبتكار الكتابة في أواخر الألف الرابع وبداية الألف الثالث قبل الميلاد أخذت عمارة المعابد صورة شبه كاملة من الناحية المعمارية والتصميمية أخذت شكلها وسماتها العامة في عصر العبيد (4500- 3500 ق.م)، العصر السابق للعصور التأريخية. وبدأت بالتطور التدريجي حتى أحتلت مكانة متميزة في معتقدات سكان بلاد الرافدين أمكن الاستدلال على مظاهر تطورها وخصائصها المعمارية وسماتها الدينية من خلال العديد من البقايا العمارية والمدونات والنصوص المسمارية التي تناولت جوانب عديدة للمعابد، ظلت المعابد منذ ظهورها تخدم أغراض دينية بوصفها بيت الأله على الأرض وبقيت مكاناً مقدساً للعبادة ولأقامة الطقوس والشعائر.

وبغية الألمام بالموضوع  ولتقديم صورة واضحة عن مفهوم المعبد ومهامه الدينية، فقد أتبعنا المنهج الوصفي والتحليلي من خلال عرض جوانب أساسية للمعابد، ذلك بالأعتماد على المصادر التي تناولت حضارة بلاد الرافدين وكتابات المؤرخين العراقيين  وعلماء الآثار وتقارير نتائج التنقيبات الأثارية.