الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا محمد وال محمد الطيبين الطاهرين يعد عبد الرحمن الداخل (138-172ه/755-788م) من الشخصيات التاريخية البارزة التي كان لها دور محوري في تأسيس الدولة الأموية في الأندلس ، فبعد سقوط الخلافة الأموية في المشرق ،  ورغم إسهاماته السياسية والعسكرية ، فإن مدة حكمه اتسمت أيضًا باتخاذه عددًا من الإجراءات التي وُصِفَت بالتعسفية تجاه خصومه ومخالفيه في الرأي ،إذ شهدت الأندلس في عهد عبدالرحمن الداخل تحولات كبرى، إذ تمكن من تأسيس دولة قوية على أنقاض صراعات داخلية واضطرابات مستمرة ،غير أن هذا التأسيس لم يكن خاليًا من الممارسات الحادة التي اتبعها الداخل سلسلة من الإجراءات التي اتُّهمت بالتعسف تجاه خصومه ومعارضيه .

 ولقد تناولت كتب التاريخ شخصية عبد الرحمن الداخل باعتباره المؤسس الحقيقي للدولة الأموية في الأندلس، لكنه في ذات الوقت أشارت الى انه كان شخصية مثيرة للجدل بسبب بعض السياسات القمعية التي انتهجها لتأمين سلطته ،  وفي هذا السياق، تسعى هذه الدراسة إلى تحليل الإجراءات التعسفية التي ارتكبها الداخل ضد معارضيه من خلال استقصاء تلك الإجراءات وتحليل دوافعها، والسياق السياسي والاجتماعي الذي ظهرت فيه، ومدى مشروعيتها في ظل التحديات التي كانت تواجهها الدولة الناشئة.