تاريخ الالقاب عند العرب والمسلمين واسع الميدان بعيد المدى وأغرب مافي تطور هذا اللقب أنه استعمل للمدح والتعظيم بعدما كان للذم والاحتقار، وكان العرب اذا ارادت تعظيم المخاطب به خاطبته بالكنية، ثم ترقوا عن الكنى الى الالقاب الحسنة.
لقد اهتم العرب بالالقاب وأخذت تشغل حيزاً كبيراً واولعوا بها وتفننوا وتفاخروا ببعضها الآخر في مجالسهم الادبية وحلقاتهم العلمية وكانوا يقولون (الالقاب تنزل من السماء).
وللالقاب ابعاد سياسية مهمة وما تمنحه لصاحبها من الامتيازات المعنوية ومادية وسياسية وتضفي له مكانة رفيعة.
بأنتقال الخلافة الى العباسيين أصبح للالقاب شأن عظيم في الدولة وذلك كصدى للتغيير الكبير الذي طرأ على الدولة الاسلامية والذي كان من مظاهرها الميل الى الاقتباس من الحضارة الفارسية وتقاليدها وكان من أثر ذلك أقتباس القاب جديدة.
لم يكد أن ينتصف العقد الرابع من القرن الرابع الهجري، القرن العاشر الميلادي الا وكان البويهييون([i]) على اعتاب أبواب بغداد، واستيلائهم على الحكم واستبدادهم بالسلطة، ازداد النفوذ الفارسي وربما كان من مظاهر ازدياد هذا النفوذ ازدياد العناية والاهتمام بالالقاب وتنظيمها فضلاً عن ظهور القاب جديدة فعرفت بالالقاب المضافة الى (الدولة) و (الملة) و (الامة). واتخذ البويهيون القاباً تنم عن تعظيم وتكريم لحاملها لمنزلة سياسية وصل اليها كأوحد الزمان مثل (الشاهنشاه) و (ملك الملوك).
وما للالقاب من اهمية فقد اختصت دراستنا للالقاب في فترة التلسط البويهي في العراق
(334-447هـ/945-1055م)، وتضمنت دراسة تاريخية للقب. وتطور المعنى التاريخي له، ومن ثم دراسة وتحليل القاب الامراء البويهيين معناها ودلالاتها وأبعادها والالقاب المضافة الى الالقاب، وكذلك الآراء الفقهية حول منح اللقب والمراسيم المتبعة في منح اللقب.
([i]) البويهيون: ينتسب البويهيون الى أبي شجاع بن بويه بن فناخسرو من قبلية (شيرزل اوند) من الديلم من جبال البرز في الجنوب الغربي لبحر قزوين. فقد اختلف المؤرخون في نسبهم، منهم من يرجعهم الى ملوك الفرس ومنهم من يرجعهم الى بني حنبة من العرب. ينظر: مسكويه، تجارب الامم، جـ5، ص5، المقريزي، السلوك، جـ1، ص129. ابن العديم، بغية الطلب، جـ7، ص3259. وللمزيد ينظر: غضبان، البويهيون في فارس، ص119-172.