تكتسب المؤلفات التاريخية عامة اهميتها من مكانة المؤرخين ودورهم في حياة الامة ومتابعتهم للأحداث والوقائع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وتسجيل ظواهرها وتطوراتها المختلفة ، وان دراسة تلك المؤلفات تفيد الباحث في معرفة تطور الكتابة التاريخية واساليبها المنهجية عبر المراحل المتعاقبة . من هنا فان دراسة المؤلفات التاريخية في القرون المتأخرة تاخذ اهمية خاصة لانها نتاج مرحلة جديدة في حياة الامة العربية والاسلامية لاسيما بعد تعرض بغداد للغزو الاجنبي وسقوط الخلافة العباسية سنة ( 656هـ / 1258م ) وما تلاه من تداعيات في الاوضاع السياسية والاجتماعية الامر الذي ساعد على اضطلاع مدن عديدة كبغداد ودمشق والقاهرة بنشاط فكري وثقافي كبير . وفي ذلك اشارة واضحة على ديمومة حياة الامة ، وحرص علمائها من المؤرخين وغيرهم ، على الاستمرار في جهودهم العلمية ونتاجاتهم الفكرية ، بغية المساهمة في ديمومة النهضة العلمية والفكرية للامة وعطائها المستمر عبر العصور المتتالية ، رغم قوة الاحتلال وظروف التسلط الاجنبي العصيبة .
تميز العصر العباسي القرن السابع الهجري بكثرة العلماء الذين كانت لهم إسهامات في كافة المجالات السياسية والإدارية والاقتصادية والعلمية والفكرية ، ويعد ابن الساعي البغدادي أحد أبرز أولئك العلماء الذين ظهروا في تلك الحقبة التاريخية، . كما ان كتابه " الدر الثمين في اسماء المصنفين " يعد من المؤلفات التاريخية الواسعة التي صنفت في عصره فضلاً عن كونه من مؤلفاته التي تتناول تراجم المصنّفين، وأنسابهم، ومناقبهم، وأسماء مؤلّفاتهم، ونتفا من أشعارهم، وطرائف من أخبارهم .