سعى الامبراطور المغولي جنكيزخان منذ بداية جلوسه على العرش الى استخدام السياسة السفارات والمراسلات مع حكام وملوك البلدان التي كان ينوي ضمها الى اراضيه وكانت هذه السياسة تهدف الى التسليم وتقديمهم لفروض الولاء والطاعة والخضوع والابتعاد عن المقاومة والحروب , وابتدء ذلك بمراسلة ملك بلاد الاويغور الذي حالما أستغل الفرصة وانشق على القراخطائيين وقَدم الى الخان المغولي معرباً عن رغبته بالانضواء تحت سيادة الامبراطورية المغولية وقد لاقى من جنكيزخان الاستقبال و الترحيب واعاده الى بلاده مكرماً بعد ان صار أحد أتباعه , وبعد ذلك بعث رسوله المسلم جعفر الى التون خان امبراطور مملكة كين الصينية ليتحرى له عن الاوضاع هناك لكن ما حدث مع الرسول ان تم اعتقاله ولكنه استطاع بمهارته الهروب والعودة الى منغوليا واعلام الخان بكل ماصادف و بمسالك الطرق التي سار فيها , وقد كان ماجرى مع السفير المغولي السبب في شن حملات كبيرة ضد هذه المملكة وعلى آثر تلك الحملات استطاع جنكيزخان الانتصار وضم اراضي مملكة كين الصينية الى اراضي امبراطوريته , ولم تسلم مملكة كين الجنوبية في الصين من الخان المغولي فلم يكتف بما حققه في الجبهة الشمالية اذ راسل ملكها وعمل على ابراز القوة التي وصلت اليها الجيوش المغولية وبث الخوف والرعب في نفس الملك وحثه على التسليم والرضوخ لضمان نجاته , حيث عملت هذه الرسالة على زعزعة ثقة الملك واضطر للتسليم ولكنه حاول التلاعب مع الخان المغولي عن طريق نقله لعاصمته بهدف ابعادها عن الحدود المغولية وذلك الحدث دفع جنكيزخان لشن الحرب واخضاع البلاد بالقوة .
وعلى الرغم من عدم وجود اشارة صريحة في المصادر المغولية الى المراسلات التي زعمت المصادر الاسلامية عن وجودها بين جنكيزخان والخليفة العباسي الناصر لدين الله و وحث الاخير للخان المغولي لغزو اراضي الدولة الخوارزمية , ورغم اختلاف المؤرخين مابين مؤيد ومعارض ومشكك الا أنها كانت احد الاسباب الاساسية لسقوط الخلافة العباسية واندثارها الى الابد , وقد تبادل الامبراطور جنكيزخان والسلطان محمد خوارزمشاه السفارات والمراسلات وعقدت المعاهدات التي تنص على احلال السلام بين الدولتين وعزمهم على تأمين الطرق التجارية بين الجانبين وفعلاً سارت القوافل التي تحمل البضائع من عند المغول لكن طمع حاكم مدينة اترار بما تحمله القافلة دفعه الى قتل التجار والاستيلاء على كل ما كانوا يحملون معهم ولما علم جنكيزخان ثار غضباً لكن كان لحكمته وتعقله دوراً في تهدئة الامور اذ ارسل سفراءه للتفاوض مع السلطان محمد خوارزمشاه طالباً تسليم حاكم المدينة الذي تجرء وقتل التجار الا ان السلطان لم يتعض وزاد في عناده وقتل احد السفراء فكان ذلك سبباً في خسارته لملكه اذ شن جنكيزخان الحملات العسكرية ضد اراضي الدولة الخوارزمية وتمكن من اخضاعها الواحدة تلو الاخرى .
وقد أستغل جنكيزخان الشقاق الذي وقع بين السلطان محمد خوارزمشاه ووالدته تركان خاتون التي كانت صاحبة قوة ونفوذ في البلاد فأرسل لها سفيره داشمند الحاجب ليعرض لها مسالمته و بأنه لا ينوي السيطرة على ما تملكه من بلاد وان الحرب بينه وبين ولدها خوارزمشاه فقط , وعليه دعاها الى ارسال شخص من قبلها ليسلمه فرمان توليها عدد من المدن , ولكن ما حدث هو ان تركان خاتون لم تطمئن لنوايا الخان المغولي ولم ترد على سفارته وذلك ادى الى أسرها بعد مدة من الزمن و بقيت ذليلة عند المغول الى ان وافاها الاجل .
ولم يكن جنكيزخان يبعث السفارات للحكام والملوك والسلاطين فقط , بل كان يرسل سفرائه الى سكان المدن المزمع فتحها , فأرسل رسوله حسن حاجي ليحث سكان مدينة سقناق على الخضوع والتسليم الا انه قتل من قبل بعض المجرمين , وثار جند المغول انتقاماً لروح هذا السفير واسقطوا المدينة ومحوا سكانها من الوجود , وعندما كانت النية فتح مدينة بخارى بعث الامبراطور المغولي برسول الى اهالي المدينة ليقنعهم بعدم المقاومة وكاد ان يواجه نفس مصير حسن حاجي لو لا كلامه الذي بعث الاطمئنان في نفوس الاهالي وايقنوا عدم قدرتهم على مواجهة الجيوش المغولية فأمنوا على انفسهم وسلموا المدينة من دون اي حرب.