ان النص مدونة كلامية يحدث في زمان ومكان معينين ، هدفه التواصل ، والامتاع ، والتأثير، ونقل تجارب الاخرين ومكامنهم الشعورية ، يمكن توصيفه بالمغلق و التوالدي ، مغلق بفعل انغلاق سمته الكتابية الايقونية صاحبة البداية والنهاية ، وتوالدي لانه ليس منبثقا من العدم او نبتا شيطانيا ، وانما هو متوالد من احداث تتناسل مع احداث اخرى ، وتكتسب مداخل النص اهميتها في ايضاح المنجز الابداعي على مستوى الدلالة ، والصياغة ، وقراءة وحداته الفنية والجمالية عن طريق توسيعها فضاءات المعنى ، وتعدد ووظائفها ، ولعل المثاقفة النصية احد اهم هذه المداخل النصية بوصفها مجموعة من النصوص الظاهرة او المخفية او المستترة في النص المنتج (الحاضر) وتشكيل وحداته التعبيرية عن طريق الشارك و التفاعل بين النصين ، والمبدع في جميع الحالات يدرك جيدا عملية الاحالة ، والاستدعاء ، والاستزراع للنص الغائب ــ الذي توافره المثاقفة النصية ــ بوعي اهتدائه الى النص المتخيل والكامن في ذاكرته الثقافية عند ممارسته عملية الانزياح الثقافي ، والمعرفي ، وتحويره دلالة النصوص الغائبة في احايين مغايرة لتركيبها في الوحدات النصية الجديدة ، او قيامه تام القصدية بالاقتراب من تلك النصوص بالقدر الذي يشعر فيه مناسبا للعملية الابداعية ، ولعلنا لا نبتعد عن الحقيقة كثيرا اذا قلنا ان مهمة البحث عن المثاقفة النصية / النص الغائب عملية شاقة تتبع لشبكة العمليات المعقدة التي تكمن وراء نسيج النص الذي يصبح القارئ فاعلا فيه عن طريق استثمار معارفه وتوقعاته والوقوف على الترابطات والاقتباسات والاشارات التي تقيم خارجه. إنَّ مجسات امتداد المثاقفة النصية / النصوص الغائبة في شعر ابن اللبانة الداني متعددة الجوانب لعل النص الديني ، والمعطى الاسطوري ، والتاريخي، والادبي ، والقيمي اهم ما يمثلها في متن البحث الإجرائي .التي سعى المبدع الى اذابتها في نصه الجديد من اجل ان يمنحها اتساعا دلاليا وفنيا.
