تكمن اهمية البحث في شعرية الزمن لما لهذا الموضوع من غنى بسبب الجدل والاحتدام القائم في تحديد شعرية البنية السردية لعنصر الزمن في الشعر، فهو مفهوم شائك ،لأنه متصل بمختلف المعارف وجوانب الحياة الإنسانية، وهو مفهوم خلافي ، له أبعاده الفكرية كونه مرتبطاً بالعملية الإبداعية، ومن المعلوم أن لكل شاعر مفهومه وموقفه الخاص به الذي يختلف كثيراً ،أو قليلاً عن غيره من الشعراء اتجاه الزمن ، فليس هناك مقاييس ثابتة تحدد شعرية الزمن تحديداً نهائياً، فلكل مدة زمنية شعرها الخاص، ولكل بيئة شعرها المتميز من غيرها، بل إنّ كلّ قصيدة تختلف عن غيرها لدى الشاعر الواحد. ومن ثم يبقى مفهوم شعرية الزمن السردي في الشعر مفهوماً نسبياً مغايراً باختلاف المنطلقات والتصورات الأدبية والنقدية ، فبعضهم يعرفه انطلاقاً من مصدره الزمني " الفيزيائي " وثانِ انطلاقاً من وظيفته النفسية ،وثالث من طبيعته دلالته ، ورابعاً من مستوى البناء السردي ، وهلم جرا. وانطلاقاً مما تقدم حاولنا أولاً أن نحدد عنوان البحث بدقة ، فكان شعرية الزمن السردي في شعر الرواد ، كما حاولنا أن نحصر البحث في رواد الشعر الحر، لأنهم من جيل واحد ، وهم يشتركون في كثير من نقاط مفهومهم للشعر ، وأطر التجديد الحداثويّ فيه، فلكل عصر خصوصيتهُ الزمنية المحملة بسمات تخصه و تنفرد به عبر علاقات:" دينية، اجتماعية ، ثقافية، سياسية "، لذا كان اختيارنا لشعر الرواد لأنه شعر يندرج تحت سقف الزمن المخصوص بالأجيال ويمثل ضرباً من الأدب في مدة زمنية متقاربة، تندرج ضمن الحدود المرصودة للبحث، إذ تأتي فيها المعطيات مناسبة لتثبيت خصوصية البحث والدراسة . ثم كان علينا أنّ نحدد الطريقة الناجعة في تناول الموضوع فوجدنا أن الطريقة المثلى هي دراسة النصوص دراسة وصفية تأويلية تحليلية ، تعتمد على المقارنة ، وترصد تطور شعرية الزمن ودلالته البنائية والسردية في النص الشعري ، هدفها الكشف عن تحولات الزمن وحركية الصور التي آزرتها، وعبرت عنها في مكنونات النص.
