يضمُّ الخطاب الجهاديُّ المتطرِّف نصوصا قرآنيَّة يراد بها تسويغ أعماله الوحشية البعيدة عن روح الإسلام السمحة، وتشريعاته الدقيقة في مفهوم الجهاد الذي أُنزلت فيه آيات كثيرة من القرآن الكريم؛ تحثُّ عليه، وتبيِّن دواعيه، وهوية العدو، وطرائق التعامل معه، والتدرج في جهاده، والنهي عن القتال، والجنح إلى السلم، وعقد التحالفات. إنّ الخطاب الجهاديَّ لأسامة بن لادن وأبي مصعب الزرقاويِّ وأبي بكر البغداديِّ ومواقع المتطرِّفين الإلكترونية يضمُّ عددا من الآيات القرآنيَّة؛ إذ تحاول تلك الجهات صبغ أفعالها بصبغة شرعيَّة بإيراد أيات معيّنة، فضلا عن السعي إلى التدليس على شباب الأمة واستمالتهم إلى سوح الإرهاب، وإقناعهم بأن تلك الأعمال الإرهابية هي الوجه الحقيقيُّ للإسلام الذي يريده الله عزَّ وجلَّ. وعند إنعام النظر في تلك النصوص القرآنيَّة وجدتها نصوصا مُجتزأة من آيات قرآنيَّة، أو آية كاملة منتزعة من سياقها العام ممَّا يسهِّل توجيه دلالتها صوب ما يبغون، ووقفتُ أيضا على ملامح لغوية معيّنة في آيات الجهاد توهم المُتلقيّ الضعيف الذي لا يحظى بمعرفة كافية بقوانين اللغة وأنظمتها، توهمه بدلالة متطرّفة مسوّقة إليه؛ إذ أفاد الخطاب المُتطرّف من ذلك في الاستدلال على منهجه الإرهابي الذي ترفضه جميع المعايير الإنسانية فضلا عن السماوية. ولذا عُني البحث بدراسة أبرز آيات الجهاد دراسةً تبيِّن سوء اجتزاء الخطاب المتطرِّف لتلك الآيات وحرف دلالتها بعيدا عن الدلالة التي يبيِّنها السياق القرآنيُّ، وعني أيضا بتبيين بواعث الإيهام اللغوي في تلك الآيات والذي ساعد الخطابَ المتطرِّف في الإفادة من تلك النصوص القرآنية لتسويق إرهابه وشرعنته في معتقد قاعدته الجماهيرية.