يروم هذا البحث تأثيث القصيدة باعتباره أداةً ضروريةً لبناء وتكوين النصّ الشعري، وعنصراً أساسيّاً لعقد الصلة بين أدوات التأسيس الفنّي والتراكيب والمفاهيم الشعرية، كونه الوسيلة التي من خلالها يتمّ رصف الشكل والفكرة وتداخلهما الدلالي، لأنّه مُكوِّنٌ أساسي من مكوِّنات البناء الشكلي والصوري للقصيدة. أمسك علي كنعان بعنان القصيدة الحديثة بقوة ومهارة عاليتين، وأتقن كلّ ما يكوّنها من تقنيات شعرية وفنون أدبية حديثة، فمن ضمنها تأثيث القصيدة، فنراه كالمصمّم المعماري في وضع الأثاث بدقّة وفنّيّة في محله، أو كالسينوغراف الذي يوزّع الأدوات والأدوار علی الخشبة. سنتّبع في بحثنا هذا المنهج الوصفي-التحليلي حيث نهدف من خلاله إلى دراسة قصيدة "الإعصار" من مجموعة "أسئلة للرياح" لعلي كنعان بعرض النماذج التي أقام عليها بناءه التأثيثي للنصّ، وبناءً علی دراستنا وجدنا أن الشاعر رتّبَ قصيدته علی أساسٍ تأثيثيٍّ متقنٍ، والنتائج التي توصّل إليها البحث؛ هي البناء التأثيثي للعتبات النصّية من عنوان وتصدير ومستهل، والترابط المفهومي بينها وبين النصّ بأكمله، وكذلك تأثيث الكلمة والصورة والموسيقی عنده جاءت بدقّة عالية.