تطورت نظريَّة المعنى وسياقات إنتاج الدّلالة في الآونة الأخيرة تطورًا كبيرًا، ويبدو معنى ألفاظ المفردة المعجمي قريب المأخذ سهل المنال في أحيان كثيرة، فإن الدّلالة الموسوعيَّة التي تنتجها المعاني المعجميَّة في السياقات المتباينة بالغة الأهميَّة في ترسيخ مقاصد مُعيَّنة من النص في وجدان المُتلقي وفكره. وتستعمل نظريَّات مختلفة في تحليل المعنى، وإحدى هذه النظريَّات هي نظريَّة المدى. وهي نظريّة دلاليّة معرفيّة، ويعدُّ (رونالد لانقاكر) أول من تحدث عن هذه النَّظريَّة في نظريَّة النحو المعرفيّ التي تعدّ تكملة وامتداد لنظريَّة علم الدّلالة الأُطر في علم الدّلالة المعرفيّ. وميّزت نظريَّة النحو المعرفيّ بين نوعين من المدى، المدى الأساسّ والمدى التَّجريديّ. والمدى الأساس كثيرًا ما يقصد به ذلك المدى الذي يستنبط من الخبرة المجسدة للإنسان، ويكون في مقابل المدى التَّجريديّ، ويصدر من الخبرة الحسيَّة البشريَّة والخبرة الشخصيَّة. أما المدى التَّجريديّ أكثر ما يكون مدى للمفاهيم التي بطبيعة حالهم أكثر تعقيدًا. والعلاقة بين المدى الأساسّ والمدى التَّجريديّ، ليست علاقة تصنيفية؛ بل العلاقة أكثر ما تكون علاقة تخطيطيَّة والمقصود بها العلاقة بين المفهوم والمدى. وهكذا ينظم المدى علاقة تراتُبية التي تعدّ الدعامة المتينة لاستيعاب المفاهيم. وهذا هو المهام الرئيس لنظريَّة المدى نفسها. وهكذا تتناول هذه الدراسة بالتحليل معالجة القضايا اللغوية التي تتعلق بنظريّة المدى وبالاعتماد على الطبيعة الموسوعيَّة للدّلالة اللُّغويَّة وتطبيقها على اللُّغة الكُرديَّة (الكُرمانجيَّة الوسطى) واللُّغة العربيَّة (اللُّغة المعياريَّة/ لغة القرآن الكريم).
الكلمات المفتاحيَّة: (نظريَّة المدى، الدّلالة الموسوعيَّة، المدى الأساسيّ، المدى التَّجريديّ).