تمثل المرأة مصدر الالهام، ومبعث الحنان، وطاقة استمرارية الحياة وتجدُّدها، وإذا كان الفن لونًا من ألوان التعبير عن الحياة الاجتماعية بِكل أبعادها، فإنَّ الشِّعر من أعرق الفنون عند العرب، وقد شكَّلت المرأة حضورًا مميزًا في نتاج الشُّعراء، إذ تركت المرأةُ آثارها على صفحات إحساس الشاعر، وانصهرت في أعماقهِ، وامتزجت بألوان حالته النفسية، فكان لها أثرٌ فعَّال في صياغة تجاربه الذاتية.
وإنَّ امتداد حضور المرأة على مساحة واسعة من المُنْجَز الشعري مُتأتٍ مِنْ أصالة وجود المرأة الانساني، ومن تَعدُّد الأدوار التي تؤديها في الحياة، بصفتها الأم، والزَّوجة، والحبيبة، والبنت، والأخت.
وقد سجَّلتْ المرأةُ حضورًا مُميَّزًا في شعر الشيخ فضل مخدِّر، وحقَّقت هيمنةً واضحة على كثيرٍ من القصائد الشعريَّة التي مثَّلت المرأة موضوعها الرئيس، وفكرتها المركزية التي تنبثق من رحمها طائفةٌ من الأفكارِ والصور النابضة في كيان النص.
وسأحاول في هذا البحث رصد صور المرأة في ديوان (صِلَةُ تُراب) للشاعر فضل مخدِّر، وتتبع حركة ظهورها في فضاء كُلِّ نصٍّ من النصوص، وتحديد طبيعة ذلك الظهور ومعرفة آثاره الجمالية والدَّلالية في إنتاج النصوص الإبداعية.
وقد استدعت طبيعة البحث أنْ يتكون من مقدمة وتمهيد خُصِّصَ لتسليط الضوء على مفهوم (المرأة)، والتعريف بالشاعر (فَضل مخدِّر) بصورة مختصرة، وبعد ذلك عرض النصوص الشعرية، وتحليلها وفق آليات المنهج الوصفي التحليلي، ثم جاءت الخاتمةُ حاملةً أَهم نتائج البحث، وبعدها قائمةُ المصادر والمراجع .