امتازت الحضارة العراقية القديمة بتنوع وتعدد الشواهد والبقايا الأثرية في مختلف العصور والتي أسهمت بشكل أو بآخر في تغيير واقع المجتمع نحو الأفضل من خلال معالجة بعض جوانب الحياة اليومية: (الإجتماعية والإقتصادية والسياسية ... الخ), فعلى سبيل المثال كانت بعض الشواهد الفنية كرسوم الكهوف التي سكنها الإنسان في العصور الحجرية كانت قد أسهمت وبشكل كبير في حل مشكلة ذهنية اجتماعية فهي وإن كانت ليس لأجل الفن نفسه إلا أنها أسهمت في تطور ذهنية الإنسان آنذاك إذ تمكن من خلالها أن يتغلب على عامل الخوف من المجهول سيما مخاطر البيئة الطبيعية المحيطة به, فضلاً عن بعض الشواهد الفنية الأخرى مثل: (الأختام الإسطوانية, المسلات, وأحجار الحدود.. وغيرها) والتي بدورها أسهمت في حل مشكلات مجتمعية مختلفة في مجتمع بلاد الرافدين كما سيأتي تفصيله في البحث المقدم .
هذا من جانب ومن جانب آخر وعلى سبيل المثال أيضاً كانت زيادة السكان وانتشار الاستيطان الذي حصل في عصر العبيد تحتاج لشيء من التنظيم الإجتماعي والإقتصادي الذي يتناسب وحجم التطور والتوسع الحاصل في المجتمع, فكانت فكرة بناء المعبد على قدر كبير من الضرورة كونها أسهمت في تنظيم حياة المجتمع دينياً بوصفه مكاناً للعبادة وأداء الطقوس الدينية, واجتماعياً بوصفه مكاناً أسهم في حل بعض المشكلات الإجتماعية, فضلاً عن دوره الاقتصادي المهم في حفظ سجلات الأراضي وما يتعلق بها من مزارعين ومنتجات زراعية, كما أن البقايا العمارية لأبنية القصور التي تعود إلى عصر السومريين الأول أفادتنا أن تلك الأبنية قد أسهمت في ظهور الجانب السياسي بوصفها أماكن كانت لإدارة الحكم وشؤون المجتمع في دويلة المدينة السومرية . ومن هنا جاء بحثنا الموسوم بــ : (شواهد أثرية أسهمت في حل مشكلات مجتمعية) للبحث في بعض الشواهد الفنية والعمارية والتي أسهمت بدورها في معالجة بعض جوانب الحياة اليومية في مجتمع بلاد الرافدين.