Preferred Language
Articles
/
aladabj-947
الهوية العربية في عالم العولمة
...Show More Authors

أحد أوجه أزمة الثقافة العربية يتجلى في الوقت الراهن, في الفهم المشوه للهويه, وفي الصراع حول مفاهيم مناقضه لها. المسألة قديمة في بلداننا, لكن الجديد فيها أنها تحولت الى جزء من أزمه المجتمع, وأزمه التطور, وأزمه الثقافة. فاذا كان الخلاف حول العلاقة بين التراث والحداثة, بأسمائها المختلفة, قد عبر, في فترات سابقه, بما في ذلك فترات النهوض, عن اشكاليات الانتقال من التخلف الى التقدم, فأنه يعبر الان, في ظل تفاقم الأزمة العامة عن تراجع في الوعي وعن تراجع في تحديد حاجات التطور الموضوعية لبلداننا, وتحديد المهمات المرتبطة بها . المشكلة حاليا أعمق بكثير من أي وقت مضى, فانهيار المشاريع التي حملت شعارات التحرر والتقدم والعدالة الاجتماعية, باسم الاشتراكية , أو بأسماء أخرى, قد أعطى للمشكلة أبعادا جديدة. وثمة في الصراع الحالي حول الهوية, في علاقتها بالبحث عن حل للازمة القائمة, نهجان خطران, يكمل الواحد منهما الاخر كما يشير الى ذلك كريم مروه - الاول, يرى الحل في التماهي مع كل ما يأتينا من جديد من العالم . ويعتبر التمسك بالتراث عائقا أمام التقدم. فالتقدم, بالنسبة لهذا الفريق, هو عملية مطلقة, وفي الاطلاق , هنا, تغييب لوظيفة التقدم . إذ لا تقدم إلا في الزمان والمكان, وفي الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والانساني, أي في الخصوصيات القومية, التي فيها تتحدد الهوية. وبهذا الربط بين المكان والزمان والانسان, وبين التقدم, يأخذ التقدم موقعه الصحيح. الثاني, يرى في العودة الى الماضي. أي الى ما يعتبره أنه الاصول , الحل لمشكلاتنا. ويرى المصدر الاساسي للخلل, المتمثل في الازمة القائمة , هو الابتعاد عن التراث ,بهذا المعنى, أي الابتعاد عما يجري تصويره على أنه أساس الهوية الثقافية والحضارية, في شكلها التاريخي المؤدلج.

ويرى هذا الفريق في الخارج عدوا, لمجرد كونه الاخر المختلف , فيرفض كل ما يأتي منه, حتى ولو كان فيه ما يساعد على تقدمنا. ويتعامل معه , حتى ولو كان علوما ومعارف انسانية عامة, كسلعة استهلاكية مفروضة علينا. ويبرز, في صفوف ايديولوجيي الرأسمال المعلوم المتوحش, من ينظر لحتمية هذا النوع من الصراع بين هذين الموقفين الخاطئين, في بلداننا, وفي البلدان التي نلتقي معها في الانتماء الى العالم المتخلف ,من نوع صراع الحضارات, ومن نوع حروب الثقافات , علما بأن صراع الحضارات هو مفهوم مصطنع ,لا تبرره كل عناصر الاختلاف والتمايز القائمة بين الشعوب. أما حروب الثقافات فهي موضوعة مضللة أطلقها مؤدلج الرأسمال المعولم هنننغتون . والواقع هو ثمة ثقافات تنتج, اليوم, وتعمم, عن وعي, من أجل أن تكون مصدرا لحروب مصطنعة , وظاهرة التعصب القومي والديني في الظرف الراهن , لا يمكن اعتبارها , تعبير عن صحوة قوميه, أو صحوة دينية, وهذا الراي لا يقلل من أهمية المسالة القومية , ولا من أهمية المسالة الدينية. ولكنه يرمي الى اعادة الامور الى نصابها, منعا للتشويه, والتزوير (كريم ، 1997 ، ص 11) ..

View Publication Preview PDF
Quick Preview PDF