تبلور شكل الدولة العراقية وتشكلت مؤسساتها ، وانجلت للعيان أولى ملامح هذا الكيان الوليد في ظل ظروف استثنائية تجسدت بوجود قوة عظمى محتلة ؛ أخذت على عاتقها مهمة بناء الدولة العراقية وتشكيل هياكلها في ظل تركيبة محددة تتلاءم مع مصالح الدولة ومنطلقاتها، وقد خضع المجتمع في الوقت نفسه الى عملية اعادة هيكلته وتشكلت العلاقات بين أبنائه اعتمادا على الموقف من عوامل الانتاج، وبدأت ملامح التكوينات الطبقية بالتبلور استنادا الى امتلاكها، أو عدم امتلاكها للأرض، وتعرضت بنى المجتمع القديمة الى التفكك ، ولكن عملية الانحلال، والتفكك لم تذهب الى نهايتها المنطقية في إنهاء كل الاشكال القديمة من البنى الاجتماعية فتعايشت الأنماط الجديدة المتشكلة مع القديمة التي بقيت ، ولم تتفكك وترافق هذا التعايش الى حد كبير مع التمايز الاثني والطائفي في العراق، وساهمت عوامل الطبيعة الجغرافية في تعميقه ففيما تركزت الاقطاعيات في مناطق جنوب العراق لخصوبتها عانت مدن شمال بغداد من انحدار قيمة الحرف اليدوية؛ فأدى ذلك الى هجرة واسعة نحو مدن العراق الرئيسية ‘ ولم تكن موجات الهجرة الداخلية تلك ذات طابع متشابه؛ بسبب اختلاف دوافعها كما أنَّ تفاعل مؤسسات الجدولة معها اختلف هو الاخر‘ وانعكس ذلك على طبيعة السلطة السياسية، وعلى طرق عمل  أجهزة الدولة أدائها، وفيما استطاعت مجموعات اجتماعية أن تقيم علاقات تشاركية مع بعضها بعضاً واستعملت مؤسسات الدولة بمهارة لتحقيق مصالها، استفادت بقية تكوينات المجتمع من مخرجات الحداثة وتغلغلت في مؤسسات الدولة الأخرى كالجيش والإدارة المدنية ، لتحسين موقعها في سلم الهرم الاجتماعي واستعملت هذه المؤسسات لاحقا في حركة انقلابية ؛ استولت بها على الدولة عن طريق اسقاط حكومتها، ويعد العراق من بين اكثر الدول العربية التي شهدت تحولات واحداث سياسية منذ نشوء الدولة العراقية في عشرينات القرن الماضي وحتى الوقت الحاضر. وكان لهذه الاحداث والتحولات الأثر في بناء الدولة بانهيار الملكية وقيام الجمهورية فقد ارتبطت عملية بنائها باعتبارات المصالح، والسياسات، والتحالفات الدولية، والإقليمية من جهة وتضارب افكار واهداف الاطراف والقوى السياسية العراقية وتلاقت من جهة اخرى في كيفية إدارة شؤون الدولة فتركت آثارا شملت مجمل نواحي الحياة السياسية ، التي يمكن أن يعبر عنها بدلالة الفاعلية والاستقرار السياسي. يناقش البحث نشأة الدولة في العراق إبان العهد الملكي، ثم يسلط الضوء على دور المُلكية في تشكيل البنى الاجتماعية، والاقتصادية في تلك الحقبة ،وتوجهات البنى السياسية الوليدة ، وتفاعلها مع البنى الاجتماعية الجديدة ،  وختاما يوضح البحث محصلة أداء الدولة في العهد الملكي ، وتأثيره في إظهار التحولات السياسية اللاحقة.